والقياس مصون ، ولغة تميم تصحيح ما عينه ياء ؛ فيقولون : مبيوع ، ومخيوط ، ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى : «وندر تصحيح ذى الواو ، وفى ذى اليا اشتهر» (١).
* * *
__________________
(١) أصل مبيع مبيوع ؛ فنقلت ضمة الياء إلى الباء الساكنة قبلها ، فالتقى ساكنان : الياء ، والواو ، وإلى هنا يتفق سيبويه والأخفش ، ثم اختلفوا فى المحذوف من الساكنين أهو الياء التى هى عين الكلمة ، أم هو الواو الزائدة فى صيغة المفعول؟ فقال سيبويه : حذفت واو مفعول ، وقال الأخفش : حذفت عين الكلمة ، فأما الأخفش فزعم أن واو مفعول دالة على اسم المفعول ، وما جىء به للدلالة على معنى لا يحذف ، وزعم أن المعهود حذف أول الساكنين لا ثانيهما ، والذى نرجحه هنا هو مذهب سيبويه ، ونستدل على ذلك بأنه لو كانت المحذوفة عين الكلمة لم يختلف الواوى واليائى لكنا رأيناهم يقولون فى الواوى مقول ومصون ومدوف ، وفى اليائى : مبيع ومعين ومعيب ، ودعوى أن واو مفعول قلبت ياء فى اليائى دعوى لا يقوم عليها دليل ، فوق أنها تنقض ما احتج به الأخفش من أن واو مفعول دالة على اسم المفعول ، والجواب عما ذكره الأخفش : أما قوله «إن واو مفعول دالة على صيغة اسم المفعول فلا يجوز أن تحذف» فالجواب عنه من وجهين ، أولهما : أنا لا نسلم أن الواو هى الدالة على معنى اسم المفعول ، بدليل أن اسم المفعول من المزيد فيه مشتمل على الميم دون الواو ، وذلك نحو مكرم ومستعان به ، وثانيهما : أنا إن سلمنا أن للواو مدخلا فى الدلالة على المعنى فلا نسلم أنه لا يجوز حذفها ؛ لأن محل ذلك أن لو لم يكن فى الصيغة ما يدل على المعنى غيرها ، فأما هنا فإن حذفت الواو بقيت الميم دالة على المعنى ، وأما قوله : «إن الذى يحذف هو أول الساكنين كما فى نحو قل وبع وقاض ومعنى» فالجواب عنه أنا لا نسلم أن هذا مطرد فى كل ساكنين يلتقيان ، بل هذا خاص بما إذا كان أول الساكنين معتلا ، وثانيهما صحيحا كما فى الأمثلة التى ذكرها ، فأما إذا كان الساكنان جميعا معتلين ـ كما فى الذى نحن بصدده ـ فلا يلزم حذف الأول منهما.