فى نحو قوله تعالى (١٤ ـ ١٢). (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) والثانية نون ساكنة ، مثل الواقعة فى قول النابغة الجعدى.
فمن يك لم يثأر بأعراض قومه |
|
فإنّى ـ وربّ الرّاقصات ـ لأثأرا |
وقد اجتمعتا فى قوله تعالت كلمته (١٢ ـ ٣٢) : (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ).
وليس كلّ فعل يجوز تأكيده ، بل الأفعال فى جواز التأكيد وعدمه على ثلاثة أنواع :
النوع الأول : ما لا يجوز تأكيده أصلا ، وهو الماضى ؛ لأن معناه لا يتفق مع ما تدل عليه النون من الاستقبال.
النوع الثانى : ما يجوز تأكيده دائما ، وهو الأمر ، وذلك لأنه للاستقبال البتة.
النوع الثالث : ما يجوز تأكيده أحيانا ، ولا يجوز تأكيده أحيانا أخرى ، وهو المضارع ، والأحيان التى يجوز فيها تأكيده هى (١).
أولا : أن يقع شرطا بعد «إن» الشرطية المدغمة فى «ما» الزائدة المؤكدة ، نحو «إما تجتهدنّ فأبشر بحسن النتيجة» ، وقال الله تعالى (٨ ـ ٥٨) : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) وقال (١٩ ـ ٢٦) : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) وقال (٨ ـ ٤٧) : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ) وقال (٧ ـ ٢٠٠) : (إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ).
ثانيا : أن يكون واقعا بعد أداة طلب ، نحو «لتجتهدنّ ، ولا تغفلنّ ، وهل تفعلنّ الخير؟ وليتك تبصرنّ العواقب ، وازرع المعروف لعلّك تجنينّ ثوابه ، وألا تقبلنّ على ما ينفعك ، وهلّا تعودنّ صديقك المريض» ، قال الله تعالى (١٤ ـ ٤٢) : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً).
__________________
(١) الجامع لهذه المسائل كلها دلالته على الاستقبال فيها ، وإنما يقصد العلماء ببيانها تفصيل مواضع دلالته على الاستقبال ؛ لأنه لا يستطيع معرفتها كل أحد.