قد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه مجرورا ، كما كان عند ذكر المضاف ، لكن بشرط أن يكون المحذوف مماثلا لما عليه قد عطف ، كقول الشاعر :
(٢٣٨) ـ
أكلّ امرىء تحسبين أمرأ |
|
ونار توقّد باللّيل نارا |
[و] التقدير «وكلّ نار» فحذف «كل» وبقى المضاف إليه مجرورا
__________________
٢٣٨ ـ البيت لأبى دواد الإيادى ، واسمه جارية بن الحجاج.
الإعراب : «أكل» الهمزة للاستفهام الإنكارى ، كل : مفعول أول لتحسبين مقدم عليه ، وكل مضاف و «امرىء» مضاف إليه «تحسبين» فعل وفاعل «امرأ» مفعول ثان «ونار» الواو عاطفة ، والمعطوف محذوف ، والتقدير : وكل نار ، فنار مضاف إليه فى الأصل وذلك المعطوف المحذوف ـ وهو المضاف ـ هو المعطوف على «كل امرىء» المتقدم «توقد» أصله تتوقد ، فحذف إحدى التاءين ، وهو فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى نار ، والجملة صفة لنار «بالليل» جار ومجرور متعلق بتوقد «نارا» معطوف على قوله «امرأ» المنصوب السابق.
الشاهد فيه : قوله «ونار» حيث حذف المضاف ـ وهو «كل» الذى قدرناه فى إعراب البيت ـ وأبقى المضاف إليه مجرورا كما كان قبل الحذف ، لتحقق الشرط ، وهو أن المضاف المحذوف معطوف على مماثل له وهو «كل» فى قوله «أكل امرىء».
وإنما لم نجعل «نار» المجرور معطوفا على «امرىء» المجرور لأنه يلزم عليه أن يكون الكلام مشتملا على شيئين ـ وهما «نار» «ونارا» ـ معطوفين على معمولين ـ وهما «امرىء» و «امرأ» ـ لعاملين مختلفين ، وهما «كل» العامل فى «امرىء» المجرور بناء على أن انجرار المضاف إليه بالمضاف ، والعامل الثانى «تحسبين» العامل فى «امرأ» المنصوب ، والعاطف واحد ، وهو الواو ، وذلك لا يجوز ، ولكنا لما جعلنا «نار» المجرور مجرورا بتقدير المضاف المحذوف ، وجعلنا هذا المحذوف معطوفا على «كل» لم يبق إلا عامل واحد فى المعطوف عليهما وهو «تحسبين» إذ هو عامل فى «كل» وفى «امرأ» المنصوبين على أنهما مفعولان لتحسبين ، والعطف على معمولين لعامل واحد جائز بالإجماع ، وهذا واضح بعد هذا البيان ، إن شاء الله.