وإنما كان خشنا فظ الطباع ، تتغلب عليه حدة وغضب مما توصل به حساده لإبعاده فبلغوا ما أرادوا (١).
وزادوا أنه ناله غرور وظن أنه في استغناء فلم يعرف قدره. وفي خلال وزارة الوزير كان يدخل عليه ويتكلم بما يخدش خاطره وكان في وسعه أن يتخذ وسائل تأديبية قاسية فاكتفى بأن صرح له تارة ، ولمح أخرى أن يكف فلم ينتبه. حتى أنه وبخه فلم يبال. ومن ثم نفر منه ومع هذا لم يبدر منه ما يخالف وإنما استعمل الحلم والرفق معه.
ومن جانب آخر أن الشاوي خاصم أحمد آغا المهردار وناصبه العداء مع علمه بخدمته للوزير وأنه ربي في أحضانه فكان يحتقره في أكثر الأحيان فيتحمل منه. فاشتدت المناوشات بينهما وتوترت العلاقات العدائية (٢). قال صاحب المطالع : إن الشاوي لم يعده في عير ولا نفير.
ويلاحظ أن الوزير جعل كل أموره في يد مهر داره واتخذه معينا له وكاتم أسراره. وفي هذه المرة أراد أن يعينه كتخدا له ففاتح الشاوي بذلك ولما كان أحمد آغا ابن خربنده (مكاري الجيش) ونظرا لحسن صوته وصورته استخدمه الوزير. ولذا قبح الشاوي أن يكون كتخداه.
ذلك ما مكن الخصومة بينهما حتى انقلبت إلى عداء. ولما كان الاثنان ممن يودهم الوزير اجتهد أن يؤلف بينهما وسعى لإزالة ما بينهما فكان تماديه على هذه الحالة مما كرّه الوزير عليه.
هذا هو السبب الظاهري الذي أريد إشاعته مع العلم أن الأمر بيّت ليلا فاتخذ المخالفة بين أحمد آغا والشاوي وسيلة للتنكيل بسليمان وأن يكون بعيدا عن بغداد. أراد الوزير أن تكون الإدارة خالصة للمماليك
__________________
(١) مطالع السعود ص ٥٨.
(٢) مرآة الزوراء.