فلما علم الوزير أن قد هتك الستر أصدر أمره بالسفر عليه بنفسه وجاهره بالعداء. فأمر عثمان باشا أن يجمع الجيوش ويأتيه بها ، وإلى هذا الحين لم يطلع الوزير على المخابرة الدائرة بين عثمان باشا ومصطفى آغا وأنهما بيتا الأمر ليلا دون علم من الوزير إلا أن الحاج سليمان حينما سمع بعزم الوزير على حرب مصطفى آغا أعلمه بأن هناك خفايا يأمل أن يعفو عنه والظاهر أنه أراد الانتقام منهم ، فأرسل إليه الكهية معتمده سليمان آغا ليستطلع القضية فأخبره بأن بين مصطفى آغا وبين عثمان باشا مراسلة واتفاقا ، فسلم كتابا ورد إليه من عثمان باشا ، يتضمن دعوته لما عزم عليه فأرسله مع سلمان آغا ليقف على الحالة ... قدمه إليه تأييدا لقوله (١).
وحينئذ علم الوزير بدخائل الأمور وحاول أن يتوسل بأسباب جلب عثمان باشا. ولذا أرسل إليه عبد الله بك أخا أحمد الكهية فحلف له الأيمان ووثقه بالمواعيد فاستصحبه وجاء به إلى بغداد وكان الموسم شتاء فأكرمه الوزير كثيرا وأظهر له اللطف والإنعام على أن يأتي بجيشه في الربيع. وعلى هذا تأخر بضعة أيام ثم رخصه ولزيادة اطمئنانه أوجد بينه وبين أحمد الكهية صهرية بأن زوج أخته من عبد الله بك.
وعلى هذا ، استصحب جيشه في الربيع وجاء إلى بغداد فولد يأسا في مصطفى آغا ومن له ارتباط حينما رأوا مجيئه. ومن جملة هؤلاء رئيس الكتيبة استولى عليه الارتياب ، وكذا أصاب أمراء السرية رعب ففر بهم وعدتهم نحو ٢٥ أو ٣٠ ذهبوا إلى البصرة. وأما العساكر الباقية فقد كانت على استعداد ، فتحرك الوزير من بغداد في ١١ جمادى الأولى ومعه جحافل جرارة. أما الشيخ ثويني فإنه هيأ وسائل الدفاع وأعد العدة.
__________________
(١) مطالع السعود ص ١١٢ ودوحة الوزراء ص ٢٠٣.