وتطاولوا على عشائر العراق ، كما أنهم أغاروا على عشائر الدليم فانتهبوا منهم أموالا كثيرة وأضروا بهم. وكان أمل الحكومة أن توجه إليهم جيشا تؤدبهم به ولكن صادف أن جاء شيخهم (فاضل) إلى بغداد فأكرمه الوزير وأظهر له اللطف والاحترام وألبسه الخلعة. ثم نبهه أن يعيد خلال عشرة أيام المنهوبات من الدليم ، وأن يكفوا عن الأعمال المضرة بالأمن ، المشوشة للراحة فتعهد الرئيس بذلك وعاد لمحله.
انقضت مدة المهل ولم تظهر نتيجة. لم يطعه قومه في أداء المنهوبات كما أن قبائله استمرت في إضرارها بالقبائل وبقيت عابثة بالأمن لذا سير الوزير الكتخدا علي باشا للتنكيل بها والقضاء على غوائلها فذهب بجيش جرار وأغار على مواطنها. وفي منتصف الليل وصل جسر الهندية فاستخبرت عنزة. ولما لم يكن لها طريق للفرار سوى المرور من ذلك الجسر التجأت إلى قبائل قشعم ، والأسلم والرفيع فأخفوهم بينهم بمقتضى الشيمة العربية. وعند طلوع الفجر استقبل شيوخهم ورؤساؤهم العسكر وأسرعوا لملاقاته فتضرعوا في العفو وقدموا أن أموالنا أموالهم وأعراضنا أعراضهم ونحن رعاياكم ، فشفعوا فيهم وقالوا ثلاثة آلاف بعير وخمسين حصانا والتمسوا قبول العفو وعلى هذا راعى الكتخدا جانب المذكورين فقبل ملتمسهم وأقام هناك نحو عشرة أيام فاستوفى تعهداتهم في خلالها وأرسلها إلى الوزير ثم أعطاهم مجالا للعبور فعبروا (١).
التوجه إلى الحلة :
ثم إن الكتخدا توجه إلى الحلة فشكا الأهلون من ضابطها (علي چلبي) فعرض الكتخدا الحالة على الوزير فصدر الأمر بعزله وأقام مكانه
__________________
(١) مطالع السعود ص ١٥٦ ودوحة الوزراء ص ٢١٢ المطبوعة.