سوف لا ينقضي أمدها بدوام الحالة وأن كانت الهجومات المتوالية على المتاريس تصد ببسالة وشجاعة. والصحيح أنه شعر بالضعف فلم يشأ أن يستمر فكف يده وتنحى عن الأمر وقال : إذا كنت أنا المقصود فإني انفض يدي ولا لزوم للنضال ، وأرسل خبرا بذلك إلى آغا الينگچرية ليأمن على حياته. وعلى هذا بعث الآغا من جانبه حسين آغا الكوسة ومن على شاكلته من الثوار فأقسموا له وأمنوه فاعتمد على ذلك وأقام في منزله منسحبا عن الإدارة.
ثم إن الثوار اختاروا سليم بك صهر الوزير السابق بدلا من سعيد بك ابن سليمان باشا وقرّ الرأي على هذا فأجلس على منصة الإدارة بصفة (قائممقام). وحينئذ أمر هذا بإطلاق سراح عبد الرحمن باشا متصرف بابان السابق وأخيه سليم بك من الحلة وجلبهما إلى بغداد وأشركهما في أموره فصارا عونا له.
أما الآغا المرقوم فقد كانت له آمال خفية ولم يكن رأيه في حقيقة الأمر مصروفا إلى سليم بك الصهر وأن ينال المنصب فحسب وإنما كان عمله هذا تأمينا لغرض آخر يدور في ذهنه ، وذلك أنه حين ورود عبد الرحمن باشا مع أخيه سليم بك إلى بغداد لم يكتف أن يقيم علي باشا في داره بل تسهيلا لنواياه بيّن أن علي باشا ما دام في داره لا يستريح الخلق ولا ينالون أمنا ، وأبدى أن الأولى أن يخرج ويسكن في دار عبد الله باشا وأرسل إليه نصيف آغا وألح في الطلب. ونادى المنادون أيضا أن لا يبقى عثمانيون في دار الحكومة ومن خالف فسوف يعرض نفسه للخطر والعقوبة الصارمة.
أما علي باشا فإنه بقي في داره إلى ما بعد المغرب ثم خرج وعبر في زورق إلى جانب الكرخ وحينئذ علم الناس طوية الآغا وما يكتمه في مكنون سره فحصل هيجان وثار الناس مع سائر الصنوف العسكرية إلى