فلم تر الدولة بدّا من اجابة ما طلب فحملت الخرق وسوء الادارة على الوالي السابق محمد باشا الصدر وأنهت الغائلة بإصدار فرمان الوزارة إليه في ٢٩ شوال سنة ١١٦٢ ه ـ ١٧٤٩ م (١).
وجهت إليه إيالة بغداد وهو موصوف بالشجاعة والقدرة على الادارة. وكان يقال له (أبو ليلة) و (أبو سمرة) و (دواس الليل). كان صهر الوزير أحمد باشا وكتخداه. فلم يترك وسيلة ، ولا أهمل أمرا حتى أدرك أمنيته. وهذا ما جعله من أفذاذ عصره ، نالها بحق وكفاءة ولم يقو على معارضته وزير بغداد السابق في حين أنه كان من الصدور. والكل ينطق بالتسليم له.
قال الأستاذ سليمان فائق :
«عاش سليمان باشا في الخطة العراقية من حين كان مملوكا. ثم تولى منصب كتخدا فصار مرجع الخاص والعام واستمر أمدا طويلا ، وأن الدولة لم تجربه التجربة اللائقة. لكنها طمعت في دراهمه فعهدت إليه بإيالة البصرة مختارة. ومنحته رتبة الوزارة كان ذلك بأمل تبعيده عن بغداد. ثم انكشفت لها بواطن الأمر (أو رأته استغل هذا الوضع) فوقعت في ارتباك واهتمت له كأنها أصابتها غائلة أجنبية هددت سلامتها ، فأعدت فيلقا عظيما واختارت له قائدا عاما. تجاوز حدود إيالته. وسابق جيشه تأهبات الدولة فأحاط بقاعدة إيالة (بغداد) وأوقعها في خطر. ومع هذا قوبل عمله هذا بالتحسين فأنعم عليه بوزارة بغداد على هذا العمل ضميمة إلى إيالة البصرة. وما لنا إلا أن نتساءل ماذا نقول لرجال الدولة في ذلك الحين ممن رأى هذا الرأي وصوّبه لدرجة أنهم سببوا تأسيس (حكومة المماليك) فشغلوا الدولة بغائلتها مدة عصر
__________________
(١) تاريخ نشاطي.