ترجمة الأخوين :
قال عثمان بن سند : «كانا كندماني جذيمة فتفرقا ، وأصبح كل منهما وحيدا في لحده مع أن كلّا منهما نسيج وحده ، ولكن الحمام مورود ، والأجل محتوم معدود ، والبقاء في الدنيا مستحيل ، والعبد فيها على جناح رحيل ...
أما محمد بك فكان في أيامه من ملوك العرب ، وأهل النجابة والبراعة منهم والأدب ، ومن الدهاء وإصابة الرأي في المكان الذي لا يجهل ، ومن الحلم والرزانة بحيث لا يسأل ، ومن لين الجانب للأصحاب والأجانب بحيث لا يوجد له مناظر ، ومن الغوص على النوادر بحيث ضرب المثل السائر ، ومن ايراد النكت واللطائف بحيث لا يدع مقالا لقائل ، ووصفا لواصف ...
قرأ على علماء أجلاء. خدم ملوكا ووزراء وعاشر أمثالا وكبراء ، واعتمدوا عليه في الأمور الصعاب ، وشاوروه فأشار وكشف عن وجه الرأي النقاب. وأن حسن باشا اعتمد عليه في أشياء مهمة ، وأرسله إلى العجم فجلا تلك الإشكالات المدلهمة. وأما سليمان باشا فصدره صدارة ما عليها مزيد بحيث شاوره في أمر الحاضر والبادي واسترشد به في الخفي والبادي ...
ورث الرئاسة عن أبيه وجده ، ومن أجلّ ما فيه أن جلساءه العلماء ، وندماءه الأكابر والعظماء ، وأنه كثير الصدقات الخفية خصوصا لمن تعلق بالأسباب العلمية.
وأما أخوه عبد العزيز بك : «فمنطيق ألمعي ، غاية في التمييز ، قرأ على علماء قطره ، واستضاء من شموس عصره ، وتشبث بأسباب الديانة ، وأعرض عن كل ما يشين ، ولازم الجماعات في المساجد ، ونادم كل ناسك ، وصار لا يباشر من الأسباب الدنيوية ، إلا ما كان من الأمور الضرورية.