وقد شاهدته في الليالي المظلمة ، يمشي إلى المساجد ، يتصدق في ممشاه ، إليها على بعض من ماشاه ، إلا أنه لما أرسله إلى الوهابية سليمان باشا الوزير عنّ له من اعتقادهم ما عنّ ، وظن أنه الحق ولبئس ما ظن ، مع أنه رحمه الله ما اعتقد منه إلا ما كان حسن الظاهر ، ولو اطلع على باطنه لكان له أعظم نافر ، والذي تحققت منه أنه لا يعتقد معتقد أولئك الأقوام ، ولكنه يستحسن أشياء منهم تقبلها في الظاهر الأفهام ، مع أنهم توصلوا بها إلى أمور مستقبحة عند الخاص والعام ، ولكن لما عرف ميله إلى هذا المذهب ناس ، أظهروه في المحافل واحتجوا لصحته بالكتاب والسنة والإجماع والقياس ، وصاروا في ذلك أشد من أهل العارض ...».
وابن سند كان له عداء مع الوهابية ، وماشى الدولة في إظهار النفرة ، وأن عبد العزيز بك كان أول من بشر بمذهب السلف في العراق لما رآه من حسن عقيدتهم ، وتابعه في بغداد خلق كثير. وشاهدهم صاحب المطالع عيانا ورأى من صحة العقيدة منهم ما لم يره في سائر البلاد الإسلامية ... والآلوسيون تلقوها عن هؤلاء وقوّوها بكتب ابن تيميّة وأنصاره. ولنعد إلى تتمة ترجمة هذين الأخوين. قال ابن سند :
«ولما أمر الوزير علي باشا بقتل الأخوين لأمر كل منهما برىء منه دفنا في موضع قريب من الموصل رحمهما الله وإيانا. وقد رثيتهما بمقطوعة مرتجلة قضاء لحق الصحبة ... قضيا نحبهما في أول المحرم من سنة ١٢١٨ ه» (١).
وبقي الأثر السيّىء لهذه الوقعة في نفوس الأهلين وفي نفوس آل الشاوي وظهر في شعر عبد الحميد بك الشاوي.
__________________
(١) مطالع السعود ص ١٧٢.