وكان عبد الرحمن باشا أثناء سفر الوزير تظهر منه بعض المعاملات خلاف ما كان عليه أسلافه من حسن الطاعة كما أنه رأى من محمد باشا أوضاعا زائدة في مراعاة جانب الوزير. ومن جراء ذلك صار عبد الرحمن باشا يترقب الفرص للوقيعة بمحمد باشا ويلتمس الوسائل للعصيان.
وفي سفرتهما هذه وصلا إلى منزل (البط) (١) فانتهز عبد الرحمن باشا الفرصة وقتل محمد باشا وألقي القبض على جميع أتباعه ونهب معسكره وجيشه وكتب بذلك عرضا إلى الوزير أخبره به عما جرى وذهب توا إلى كركوك.
وهذا ما لا يصح السكوت عليه إلا أنه تعهد أن يقوم بالخدمة ، ويراعي الإخلاص والصداقة. وكانت المصلحة تدعو إلى مراعاة جانبه والسكوت عنه لأجل ، لذا كتب إليه يعزره وينصحه وبالنتيجة يعفو عنه ، ولزيادة تطمينه أرسل إليه خلعة وأمرا ووجهت إليه ألوية كوى وحرير.
ولما ورد موظف من قبله أرجع إلا أنه حينما وصل إلى داقوق عاث عسكره بالزروع والقرى ونهب وسلب. فأخبر متسلم كركوك الوزير بكل ذلك وجاءت الأخبار من أماكن أخرى تنذر بخطره فتظاهرت خيانته فلم يطق الوزير التغافل عنه.
وكان الوزير يحسب أن خالدا الكهية متفق معه في الخفاء هو وبعض ندمائه. لذا ألقى القبض عليه وعلى الحاج عبد الله آغا متسلم البصرة سابقا وأعوانهما وسجنهما في القلعة الداخلية وفي هذه أتهم محمد الفيضي بن لطف الله كاتب الديوان وكان خطاطا معروفا (٢).
__________________
(١) رحلة المنشىء البغدادي هامش ص ٦٣ وفيه تفصيل. والبط هو (البت) ويراد به هنا نهر العظيم.
(٢) شعراء بغداد وكتابها ص ٢٧ و ٤٥.