ولما وصل الخبر إلى محمود باشا اضطرب. لأنه لم يترك سوى أخيه حسن بك ونحو مائة من الخيالة للمحافظة. ولكن حسن بك تمكن أن يقاوم الهاجمين فلم يتزلزل بالرغم من الجموع الوفيرة التي هاجمته. وذلك أن الموظفين حينما وصل عبد الله باشا إلى كركوك اتفقوا معه وجهزوا نحو ألفي جندي من خيالة ومشاة وتوجهوا نحو السليمانية وسعوا جهدهم للاستيلاء عليها فقاومهم حسن بك مقاومة لا مثيل لها وداموا نحو ثلاثة أيام أو أربعة فلم ينالوا بغيتهم وعادوا خائبين (١) ...
الوزير في قره بولاق :
تيقن الوزير أن سعيد باشا وأعوانه لم يكن عملهم مثمرا وأنه سريع الزوال ، لما علم أن القحط اشتد على بغداد وانقطعت القوافل. فلو بقي على هذه الحالة لبضعة أيام لقام الأهلون على الحكومة وهاجموا سعيد باشا. وهذا كان لديه نحو الأربعة آلاف أو الخمسة من الجنود الموظفين ومن عشائر المنتفق ومن غيرهما أما الوزير فأراد أن يزيد الاضطراب وأن ينكف عن سعيد باشا أعوانه والمتصلون به ، فانسحب وتنحى عن بغداد ولم يعجل بالأمر.
ومن ثم دعا حمود الوزير أن يخرج معه فلم يوافقه (٢) ...
رحل الوزير من منزله وتوجه إلى ما يحاذي مقاطعة (دكة) من ديالى ونزل في (قره بولاق) ، فأمن ذخائر الجيوش وأطعمتهم من الكرد ومن درنة وباجلان. فصارت تجلب إليه المؤونة من هناك فتوقف مدة وترك الأمور تجري في مجراها الطبيعي (٣) ...
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ٢٨٠.
(٢) مطالع السعود ص ٢١٤.
(٣) دوحة الوزراء ص ٢٨٠.