وجعلت لهم دوائر خاصة في كل منها نحو المائتين من الصبيان ، ومن اجتاز منهم درجة نقل إلى أخرى ، وبهذه الطريقة أعدوا للخدمة وصاروا تحت التمرين ثم كانوا يترفعون إلى أغوية الداخل.
ولكل معهد من هذه المعاهد أو مدرسة من تلك المدارس على اختلاف درجاتها لالاوات (مربون) ومعلمون وأساتذة. وهؤلاء يعلمون القراءة والكتابة ، والرمي بالبنادق ، والتعود على الإصابة باتخاذ هدف. والممارسة على ركوب الخيل ، وعلى استعمال الأسلحة وأضراب هذه الأمور مما تدعو الحاجة إليه في أشغالهم حتى أنهم يعلمونهم فن السباحة في مكان يتخذ أمام دوائرهم.
وهؤلاء كانوا يفوقون أبناء زمانهم لما يمرنون عليه فهم أشبه بالدارسين في مدارس اليوم ، بل يفضلونهم. فكانت الحكومة تستخدمه لغرض التوظيف والخدمة في مصالحها. وتلقنهم كل ما تحتاجه.
وكانوا متآلفين متضامنين تجمعهم رابطة هذه التربية أكثر مما نشاهده في غيرهم. نراهم رفقاء سلاح وأصدقاء مدرسة ، تتزايد المفاداة بينهم وتتولد عصبية قوية متينة فأدى ذلك أن يتغلبوا ويستولوا على كافة أمور الحكومة من حل وعقد ... بل انحصرت وظائف الحكومة بهم فهم قوة على غيرهم وعصبة شديدة على مناوئيهم والمعادين لهم ، وسلطة قاهرة على الأهلين.
لم يهدأ الأهلون من ثورات عليهم. رأوا ما لم يكونوا رأوا. لأن شدة الوطأة دعت العراق أن يتذمر منهم كالترك إلا أن وجهات النظر مختلفة وأهم ما هنالك أن هؤلاء ليسوا من الأهلين.
تولى هؤلاء الواحد بعد الآخر فوجدوا مناصرة من الباقين.
كانوا آبازة وگرجا وهم مماليك. وكانت الدولة في شغل شاغل فاستفاد هؤلاء من الوضع فتكونت منهم حكومة خير حارس للملك