الهواء الأصفر : (الهيضة):
في أوائل هذه السنة سنة ١٢٣٦ ه ـ ١٨٢٠ م ظهر مرض لم يسمع باسمه (قوليرا) أو الهواء الأصفر أو الهيضة يفتك في النفوس فتكا ذريعا. سماه ابن سند بالوباء وقال هو طاعون ظهر في ديار الهند وأصاب الكثير من أهل بومبي. ومنها سار إلى بلاد الهند الأخرى. وازداد شره ومشى كالسيل الطامي حتى وصل إلى البصرة ، واستمر فيها من آخر شوال إلى آخر ذي القعدة وأن شدته في أول ذي القعدة سنة ١٢٣٥ ه ـ ١٨١٩ م إلى الثاني عشر منه. يشتد تارة ويخف أخرى إلى ٢٢ منه ثم خف إلى أن زال وقد مات من أهل البصرة خمسة عشر ألفا وأكثر فاضطرب منه الأهلون وابتهروا من فعله وصاروا يفرون إلى القرى والضياع في الأطراف ... وأول ما وقع في البصرة هبت الشمال العظيمة نهارا وليلا (١) ...
ثم إنه ذهب بؤسه فصار يتعاود الأهلون ويرجعون إلى مواطنهم ولكنه توجه بعد البصرة إلى جهة سوق الشيوخ ، والعرجة ، والسماوة حتى استولى على أكثر أهل الجزيرة وبعض عشائر الشامية ثم جاء إلى الحلة وكربلاء ومكث في هذه الأماكن مددا تتراوح بين عشرة أيام وعشرين يوما.
ثم إنه سرى إلى بغداد ولكنه كلما تصاعد وطالت مدته قل ضرره وخفت وطأته ... فبقي مدة خمسة عشر يوما وفي بعضها أصاب الواحد والاثنين ... ثم زال.
ومنها سار حتى وصل كركوك ودام هناك نحو ٢٠ يوما. فتوفي نحو ألف نفس ولكنه لم يتماد في سيره فاندفع بسرعة وسار إلى ديار
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ٣٣٣ ومطالع السعود ص ٢٠٣.