بالتأهب وزودهم بالمدافع وبآلات نارية أخرى من زنبرك وغيره فساروا في طريقهم بين التلول وصاروا كمينا. قصدوا مفاجأة العثمانيين من خلفهم ، والشهزاده رتب الميمنة والميسرة وبعد ذلك صعد إلى تل عال وتضرع إلى الله طالبا أن يؤيده بالنصر وبكى بكاء تضرع. فظهر في وسط العسكر وابتدأ الحرب وثارت المدافع والبنادق ومن ثم اشتبك القتال بين الطرفين بحرارة فأسفرت النتيجة أن العثمانيين لم يروا مجالا للدوام على الحرب فولوا الأدبار. أما محمود باشا فأنه باتفاق مع الكهية توجها إلى أطراف كركوك بأنفسهما فتيسر للشهزاده أن يستولي على جميع معداتهم من الخيام والمدافع. ثم نزل السليمانية. فلما رأى الكهية هذه الحالة وكان يخجل أن يرجع إلى بغداد بهذه المغلوبية التجأ إلى الشهزاده حرصا على حياته.
وفي هذه الأثناء ولى الشهزاده عبد الله باشا عم علي باشا والي ديار الكرد حكومة شهرزور. وأن الشهزاده بقي أيام المحرم في السليمانية وعرض هذه القضية إلى مسامع الشاه.
وفي أول صفر خيم خارج السليمانية وكان يقصد زيارة العسكريين فتوجه إلى بغداد» اه (١).
وفي هذا ما يؤيد براءة محمد الكهية من الخيانة ويوضح الوقعة أكثر ببيان قوة إيران آنئذ ... ومطامعها في العراق ولكن أمل الفتح والاستيلاء قد انقضى بوفاة نادر شاه. وفي هذه الأيام تجددت فكرة الاستيلاء على العراق وعلى أنحاء أرضروم من عباس ميرزا فكانوا على اتفاق ولم تكن غائلة محصورة في أمور بابان. وبوفاة هذا الميرزا انقطع الأمل فلجأوا إلى طريق السياسة (٢).
__________________
(١) ناسخ التواريخ ـ قسم القجارية. وهو خال من أرقام صفحات.
(٢) رحلة المنشي البغدادي ص ٩.