عاقبة الوزير :
في هذه الأثناء ورد الوزراء إلى بغداد متواليا وكل واحد معه بضعة آلاف فتجمع في بغداد نحو سبعة آلاف أو ثمانية آلاف جندي وبهذا زال الاضطراب عن الوزير وذهب البؤس عن الأهلين وقوي الأمل في استخلاص البصرة.
قضوا بضعة أيام للاستراحة ثم كلفهم الوزير بالذهاب إلى مواقع الحرب فلم يصغوا واعتذر كل منهم بعذر وماطلوا في الذهاب.
وبعد أيام أشاعوا عزله وأظهروا الفرمان. بينوا أن عمر باشا كانت معاملته سيئة مع ايران وأنه حرك الساكن ، فلو عزل سكنت الفتنة ولم يبق لها أثر. كتبوا إلى استنبول بهذه البيانات وكانت بعكس ما كان يكتبه الوزير عمر باشا فعلمت الدولة أن أقوال هؤلاء صحيحة وأن الخلاف بين الوزير وايران هو منشأ توتر العلاقات. وعلى هذا عزلته الدولة (١).
تواتر أن أعمال هذا الوزير كانت منفّرة. فلم يرض العشائر ولا الكرد ولا الداخل. وقتل عبد الله بك الشاوي إلا أن العاقبة صارت وخيمة عليه وحصلت البغضاء منه في كل الأنحاء ، وكان المثير لحروب ايران ، فلم يحسن السياسة فالدولة لم ترض عنه ولا عن المماليك. واعتقد أن ذلك كله كان بسبب موافقته لرغبة سليمان آغا متسلم البصرة.
أرادت الدولة أن تستفيد من هذا الوضع. وأن تتخلص من المماليك وهم أشد خطرا عليها من ايران فكانت مهمة الجيش القضاء على هذه الغائلة وترجيحها على ايران. استغلت نفرة الأهلين من هذا الوزير ومن أوضاع ايران. وأمراء الكرد فتخلصت بخير طريقة. فكان تفسير المماليك للوضع تبعيدا للمغزى السياسي.
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ١٦٧.