الحمق بحيث لا يعرف الصاعد من النازل ... وأخلد عبد الله باشا من البلادة إلى قعر مهواها ... أن السلطان ... وجه من العسكر ... لاستخلاص البصرة ... ففرقه خازنداره وهو لا يدري ... وكتب ذلك الخازندار على لسانه ، إلى الدولة أن لا حاجة إلى العسكر ... لكونه مواليا للعجم بباطنه (١).
والحاصل أن عجم محمد تمكن من استهواء عبد الله باشا ، وكذا تسلط على سليم أفندي بما لا مزيد عليه حتى نال منصب كتخدا ليتوصل إلى الوزارة إذ هي سلمها ... وفي الحقيقة كان الوزير عجم محمد لا عبد الله باشا ولا غيره.
اضطراب الحالة :
وحين وفاة الوالي وقع الاختيار على سليم أفندي ليكون قائممقاما نظرا إلى أنه من أكابر رجال الدولة ، وأنه موظف مرسل من جانبها فاتفق الكل عليه. فكانت الوجهة مصروفة ظاهرا إلى أن يعهد إليه بهذا المنصب فيسد باب الفتنة فيطوي خبر المماليك. إلا أن الكتخدا السابق عجم محمد من جهة ، والكتخدا الأسبق إسماعيل الكهية من الجهة الأخرى يطالبان بمنصب الوزارة فكل منهما يدعو لنفسه ويكوّن حزبا. وأن بغداد انقسمت إلى شقين. وبترغيب من سليم أفندي وحثه صار أهل الميدان والمهدية والقراغول ومحلة محمد الفضل جميعهم ، وأكثر العثمانيين وكذا الينگچرية برئاسة محمد آغا مالوا إلى محمد الكهية (عجم محمد) لعلمهم أن سليم أفندي موظف الدولة فتابعوا رغبته ونفروا من إسماعيل الكهية. وأن الذين التزموا جانبه أبدوا أن محمد الكهية ايراني الأصل ، وأنه إذا نال غرضه رجع إلى أصله وحينئذ يخشى أن
__________________
(١) مطالع السعود ص ٥٦.