حاول سليم أفندي مرة أخرى تسكين هذا الاضطراب وطلب سليمان بك الشاوي أيضا لاستطلاع رأيه في طريقة للخلاص من هذه الورطة. فقر رأيه على أن هذه الفتنة نشأت من جانب هذين الشخصين إسماعيل الكهية ومحمد الكهية فينبغي أن لا يبقوا حتى يعين وال إلى بغداد ويجب أن يذهب الاثنان إلى حسن باشا والي كركوك ويقيما عنده إلى أن ينجلي هذا المبهم. فامتثل إسماعيل الأمر وكان في حدّ ذاته صاحب دين وتقوى وثبات فتطلب راحة العباد وترك مطلبه وكف عن دعوته فعبر إلى الكرخ وأن الحاج سليمان بك أركبه فرسا وأرسله إلى كركوك اطفاء لنار الفتنة.
أما محمد الكهية فلم يوافق على هذا الحل وتوقف. وأن أعوانه وحاشيته لم يفترقوا منه. لذا لا يزال متعندا. فلما شاهد الحاج سليمان منه هذا التصلب انكشفت حيلته له وقال مخاطبا الجماعات :
إذا كان الغرض من هذه الجماعة أن يجعل محمد الكهية واليا فهذا من العجم ، وأن الدولة لا يسعها أن توجه بغداد إلى العجم.
فأجابه أهل الميدان : (بلسان عربي وفي لهجة واحدة).
ليكن عجما. فإن الروم عينوا خمسة وزراء من العجم. وهذا سادس.
فقال الحاج سليمان :
بل عينوا سبعة وهذا ثامن ومراده الإشارة إلى الآية الكريمة : (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ).
هذا ، وأن كلام الحاج سليمان موجه إلى العوام وهم كالأنعام بل هم أضل فلم يفهموا مغزى كلامه. فإنه حينما رأى تصلبهم وعنادهم حاذر أن يجبروه على تدوين محضر أو أن يؤخذ منه ختم أو توقيع بذلك