مجيئه كان للمفاوضة في أمر الصلح بين الحكومتين وأنه يحمل أمرا بخروج الجيش من البصرة إلا أن القضية مقرونة بشروط. وكان معنونا باسم الوالي عبد الله باشا ولكن لا يجسر أحد على فتحه إلا بعد أن يتحقق الوزير. ولو كان هناك أساس للصلح فالآن لا صلاحية لأحد للمداولة فيه ، وأن البصرة لا تزال بيد ايران. أرسل محمد بك الشاوي إلى كريم خان الزندي أيام عبد الله باشا. وجاء في مطالع السعود :
«اتفق أهل العقد والحل ، دفعا لما نزل من الخطب وحل ، أن يطلبوا من كريم خان صلحه ... فاختاروا لتسهيل هذا الصعب ، وتحليل عقد هذا الخطب ، محمد بن عبد الله بن شاوي الحميري ، إذ هو لدهائه وعقله لهذا الأمر حري ، فتوجه على طرف سلهب ، طاويا لكل هوجل وسبسب (ومدحه بأبيات وقال) :
فلما فاوض ذلك الزندي. علم بسبره ما يخفي ويبدي ، ووجد به الزندي ألمعيا ، وخريتا في سباسب الآراء ذكيا ، وضاعف لذلك بره ، ورآه في وجه عصره غره ، ولكن لما عرض له في أسرى البصرة ، أبدى الاشمئزاز ... وقال : ولكن لكرامتك لدينا ... نعدك بالاطلاق ، إذا تم مع السلطان الاتفاق ... فخرج بعد ما وادعه ... فدخل بغداد والفتنة مادة أعناقها ...» اه (١).
عود الفتنة :
تمكن سليمان الشاوي من تسكين الغائلة لمدة يومين أو ثلاثة. ولما كان كل واحد من الزعيمين يأمل أن يكون وزيرا فلا تركد ما لم يقض على واحد منهما. لذا تجدد الخصام واشتد القتال. وكل احتفظ بمتاريسه.
__________________
(١) مطالع السعود ص ٥٧.