٣ ـ أو عن غير هذين النوعين ، كقوله تعالى : (قالُوا : سَلاماً ، قالَ : سَلامٌ)(١) ، كأنه قيل : فماذا قال إبراهيم عليهالسلام؟ فقيل : قال سلام.
ومنه قول الشاعر :
زعم العواذل أنّنى فى غمرة |
|
صدقوا ، ولكن غمرتى لا تنجلى (٢) |
لما حكى عن العواذل أنّهم قالوا : هو فى غمرة ، وكان ذلك مما يحرك السامع لأن يسأله فيقول : فما قولك فى ذلك وما جوابك عنه؟ أخرج الكلام مخرجه إذا كان ذلك قد قيل له وصار كأنه قال : أقول صدقوا أنا كما قالوا ولكن لا مطمع لهم فى فلاحى ، ولو قال : «زعم العواذل أنّنى فى غمرة وصدقوا» لكان يكون لم يصح فى نفسه أنّه مسؤول وأن كلامه كلام مجيب (٣).
ومنه قول الوليد بن يزيد :
عرّفت المنزل الخالى |
|
عفا من بعد أحوال |
عفاه كلّ حنّان |
|
عسوف الويل هطّال (٤) |
فانه لما قال : «عفا» وكان العفاء مما لا يحصل للمنزل بنفسه كان مظنة أن يسأل عن الفاعل.
ومثله قول المتنبى :
وما عفت الرياح له محلّا |
|
عفاه من حدا بهم وساقا |
فانه لما نفى الفعل الموجود عن الرياح ، كان مظنة أن يسأل عن الفاعل.
__________________
(١) هود ٦٩.
(٢) الغمرة : الشدة.
(٣) ينظر دلائل الإعجاز ص ١٨٢.
(٤) عفاه : محاه. حنان : مصوت ، والمقصود الرعد المصاحب للمطر.
عسوف : شديد. الوبل : المطر الشديد.