إِحْساناً ، وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ ، وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» (١) ، عطف قوله «قولوا» على قوله «لا تعبدون» لأنّه بمعنى : لا تعبدوا.
الثالث : أن يكون للجملة الأولى محل من الإعراب وقصد إشراك الجملة الثانية لها فى الحكم الإعرابى ، وهذا كعطف المفرد على المفرد ، لأنّ الجملة لا يكون لها محل من الإعراب حتى تكون واقعة موقع المفرد. وينبغى هنا أن تكون مناسبة بين الجملتين كقوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ)(٢) وقوله : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٣).
ولذلك عيب على أبى تمام :
لا والذى هو عالم أنّ النوى |
|
صبر ، وأنّ أبا الحسين كريم |
إذ لا مناسبة بين كرم أبى الحسين ـ محمد بن الهيثم ـ ومرارة النوى ، ولا تعلق لأحدهما بالآخر.
ومن إشراك الجملة الثانية بالأولى فى الحكم الإعرابى قول المتنبى :
وللسرّ منى موضع لا يناله |
|
نديم ولا يفضى إليه شراب |
فجملة «لا يناله نديم» صفة لـ «موضع» ولذلك جاز أن يعطف عليها جملة «ولا يفضى إليه شراب».
وذكر عبد القاهر الجرجانى لونا من الوصل (٤) ، وهو أن يؤتى بالجملة فلا يعطف على ما يليها ولكن تعطف على جملة بينها وبين هذه التى تعطف جملة أو جملتان ، مثال ذلك قول المتنبى :
تولّوا بغتة فكأنّ بينا |
|
تهيّبنى ففاجأنى اغتيالا |
فكان مسير عيسهم ذميلا |
|
وسير الدمع إثرهم انهمالا |
__________________
(١) البقرة ٨٣.
(٢) سبأ ٢.
(٣) البقرة ٢٤٥.
(٤) ينظر دلائل الإعجاز ص ١٨٨.