فى مقام تخويفهم ودعوتهم إلى الله. ثم إنّ قومه لمّا أنكروا عليه عبادته لله أخرج الكلام معهم بحسب حالهم فاحتج عليهم بأنّه يقبح منه أنّه لا يعبد فاطره ومبدعه ثم حذرهم بقوله : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
٢ ـ الالتفات من التكلم إلى الغيبة :
ووجهه أن يفهم السامع أنّ هذا نمط المتكلم وقصده من السامع حضر أو غاب ، وأنه فى كلامه ليس ممن يتلون ويتوجه فيكون فى المضمر ونحوه ذا لونين ، وأراد بالانتقال إلى الغيبة الإبقاء على المخاطب ، فالغيبة أروح له ، كقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(١) ، حيث لم يقل «لنا» تحريضا على فعل الصلاة لحق الربوبية.
ومنه قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ. رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٢). فقد قال سبحانه : (أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) ثم انتقل إلى خطاب الغيبة فقال : (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
٣ ـ الالتفات من الخطاب إلى التكلم :
ومنه قوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا. إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا)(٣) ، فقد التفت من الخطاب «فاقض ما أنت قاض» إلى التكلم «إنا آمنا بربنا».
٤ ـ الالتفات من الخطاب إلى الغيبة :
ومنه قوله تعالى : «هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ، وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ
__________________
(١) الكوثر ١ ـ ٢.
(٢) الدخان ٤ ـ ٦.
(٣) طه ٧٢ ـ ٧٣.