إذا العيس لاقت بى أبا دلف فقد |
|
تقطّع ما بينى وبين النوائب (١) |
هنالك تلقى الجود من حيث قطّعت |
|
تمائمه والمجد مرخى الذوائب (٢) |
فقد قال «يصرّف مسراها» مخاطبة الغائب ثم قال بعد ذلك «إذا العيس لاقت بى» مخاطبا نفسه ومبشرا لها بالبعد عن المكروه والقرب من المحبوب ، ثم جاء بالبيت الذى يليه معدولا به عن خطاب غيره وهو خطاب لحاضر ، ثم قال «هنالك تلقى الجود».
٧ ـ الالتفات من الفعل المستقبل إلى فعل الأمر :
ومنه قوله تعالى : «قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ «إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ» (٣) ، فانه إنما قال «شهد الله» و «اشهدوا» ولم يقل «وأشهدكم» ليكون موازنا له وبمعناه لأنّ شهادة الله على البراءة من الشرك صحيح ثابت ، وأما إشهادهم فما هو إلّا تهاون بهم ودلالة على قلة المبالاة بأمرهم ولذلك عدل به عن لفظ الأول لاختلاف ما بينهما وجىء به على لفظ الأمر.
٨ ـ الالتفات من الفعل الماضى إلى فعل الأمر :
ومنه قوله تعالى : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(٤) ، وقد عدل إلى الأمر للعناية بتوكيده فى نفوسهم.
__________________
(١) العيس : الإبل البيض. النوائب : المصائب.
(٢) التمائم : جمع تميمة وهى ما يعلق على الصبى ليحفظه. الذوائب : خصل الشعر.
(٣) هود ٥٣ ـ ٥٤.
(٤) الأعراف ٢٩.