الطعام كما يأكله العبيد ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يحلب الماعز بنفسه ، ويركب الدابة دون غطاء. وقد كان الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يلتزم هذا السلوك في كل مواقفه حتى عند فتح مكّة ، حتى لا يفكر الناس بأنّهم إذا وصلوا إلى منصب مهم ، أو أحرزوا إنجازا ما ، فإنّ ذلك مدعاة لهم بأن يصابوا بالتكبر والغرور ويكونوا بالتالي بعيدين وغرباء عن الناس والمستضعفين.
وفي سيرة الإمام علي عليهالسلام ، نقرأ أنّه كان يجلب الماء إلى البيت ، وفي بعض الأحيان كان ينظّف البيت.
أمّا في سيرة الإمام الحسن عليهالسلام ، فنقرأ أنّه عليهالسلام ، حجّ إلى بيت الله عشرين مرّة مشيا على الأقدام ، والنجائب (المحامل والدواب) تقاد بين يديه ، وكان عليهالسلام يبيّن أن هذا العمل تواضع لله تعالى (١).
أمّا الآية التي بعدها فهي تؤكّد على ما تمّ تحريمه في الآيات السابقة كالشرك وقتل النفس والزنا وقتل الأولاد والتصرف في مال اليتيم وإيذاء الوالدين وما شابه ذلك ، حيث تقول الآية : (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) (٢).
ومن هذا التعبير يتّضح أنّ الله سبحانه وتعالى ليس فقط لا يجبر الإنسان على الذنب، وإنّما لا يريد له (بمعنى لا يرغب ولا يوّد) أن يرتكب الذنب أيضا ، وإلّا لو كان الأمر كما يقول أصحاب مذهب الجبر ، لما أكّد الله سبحانه وتعالى على كراهية هذه الذنوب.
ويتّضح من التعبير ـ أيضا ـ أنّ القرآن استخدم كلمة «مكروه» اتجاه أعظم الذنوب وأكبرها.
__________________
(١) لقد تحدّثنا عن التكبر والغرور وآثارهما السيئة في المجلد الرّابع في تفسير الأمثل لدى تفسير الآية ١٢ من سورة الأعراف.
(٢) ضمير «سيئه» يعود على «ذلك» أو «كل» وسبب كونه مفردا لأنّ كلا من هاتين الكلمتين مفردتين بالرغم من أنّهما تعطيان معنى الجمع.