كقرواش (١) وجلواخ (٢) ؛ وقرياح ككرياس (٣) وسرياح ؛ ألا ترى أنّ أحدا لا يقول :كرواس ، ولا سرواح ؛ ولا يقول أحد أيضا فى شرواط (٤) وهلواع (٥) : شرياط ، ولا هلياع. وهذا أحد ما يدلّك على ضعف القلب فيما هذه صورته ؛ لأن القلب للكسرة مع الحاجز لو كان قريّا فى القياس لجاء فى الزائد مجيئه فى الأصلىّ ؛ كأشياء كثيرة من ذلك.
ومثل امتناعهم من قلب الواو فى نحو هذا ياء من حيث كانت زائدة فلا عصمة لها ، ولا تلزم لزوم الأصلى فيعرف بذلك أصلها ، أن ترى الواو الزائدة مضمومة ضمّا لازما ثم لا ترى العرب أبدلتها همزة ؛ كما أبدت الواو الأصليّة ؛ نحو أجوه ، وأقّتت. وذلك نحو التّرهوك (٦) ، والتدهور والتسهوك (٧) : لا يقلب أحد هذه الواو ـ وإن انضمّت ضمّا لازما ـ همزة ؛ من قبل أنها زائدة ، فلو قلبت فقيل : الترهؤك لم يؤمن أن يظنّ أنها همزة أصليّة غير مبدلة من واو.
فإن قلت : ما تنكر أن يكون تركهم قلب هذه الواو همزة مخافة أن تقع الهمزة بعد الهاء وهما حلقيّان وشديدا التجاور؟ قيل يفسد هذا أن هذين الحرفين قد تجاورا ، والهاء مقدّمة على الهمزة ؛ نحو قولهم : هأهأت فى الدعاء (٨).
فإن قلت : هذا إنما جاء فى التكرير ، والتكرير قد يجوز فيه ما لولاه لم يجز ؛ ألا ترى أن الواو لا توجد منفردة فى ذوات الأربعة إلا فى ذلك الحرف وحده ، وهو «ورنتل» (٩) ثم إنها قد جاءت مع التكرير مجيئا متعالما ؛ نحو وحوح (١٠) ،
__________________
(١) القرواش : من معانيه العظيم الرأس.
(٢) الجلواخ : هو الوادى الواسع الممتلئ.
(٣) الكرياس : الكنيف.
(٤) شرواط : هو الطويل.
(٥) الهلواع من النوق : السريعة.
(٦) يقال مرّ يترهوك أى يموج فى مشيه من استرخاء مفاصله.
(٧) يقال تسهوك : مشى رويدا.
(٨) يقال هأهأ بالإبل : دعاها للعلف.
(٩) ورنتل : الشر والأمر العظيم. اللسان (ورنتل).
(١٠) الوحوحة : النفخ من شدة البرد.