قصّ ، ونصّ ـ لثقله. وإذا قيل لهم : قالوا هما يضرباننى ، وهم يحاجّوننا ، قالوا : المثل الثانى ليس بلازم. وإذا أوجب عليهم نحو قوله «وإن ضننوا» ولححت عينه ، وضبب البلد ، وألل السقاء ، قالوا : خرج هذا شاذّا ؛ ليدلّ على أن أصل قرّت عينه قررت ، وأن أصل حلّ الحبل ونحوه حلل. فهذا الذى يرجعون إليه فيما بعد متفرّقا قدّمناه نحن مجتمعا. وكذلك كتب محمد (١) بن الحسن رحمهالله إنما ينتزع أصحابنا (٢) منها العلل ، لأنهم يجدونها منثورة فى أثناء كلامه ، فيجمع بعضها إلى بعض بالملاطفة والرّفق. ولا تجد له علّة فى شيء من كلامه مستوفاة محرّرة.
وهذا معروف من هذا الحديث عند الجماعة غير منكور.
الآن قد أريتك بما مثّلته لك من الاحتياط فى وضع العلّة كيف حاله ، والطريق إلى استعمال مثله فيما عدا ما أوردته ، وأن تستشف ذلك الموضع ، فتنظر إلى آخر ما يلزمك إياه الخصم ، فتدخل الاستظهار بذكره فى أضعاف ما تنصبه من علّته ؛ لتسقط عنك فيما بعد الأسولة والإلزامات التى يروم مراسلك الاعتراض بها عليك ، والإفساد لما قرّرته من عقد علّتك. ولا سبيل إلى ذكر جميع ذلك ؛ لطوله ومخافة الإملال ببعضه. وإنما تراد المثل ليكفى قليلها من كثير غيرها ، ولا قوّة إلا بالله.
* * *
__________________
(١) هو صاحب أبى حنيفة ، وصاحب الجامع الكبير ، والجامع الصغير فى الفقه محمد بن الحسن ابن واقد الشيبانى أبو عبد الله الفقيه الحنفى البغدادى توفى سنة ١٨٩ تسع وثمانين ومائة ، ومن تصانيفه أيضا الجرجانيات. الرقيات فى المسائل. انظر هديد العارفين ٦ / ٨ ط دار الكتب.
(٢) يريد الحنفية ، وكان ابن جنى حنفيا ، وكان ينصر الحنفية على الشافعية. وانظر الترتيب فى الوضوء فى حرف الواو من سر الصناعة.