عملها ، وبعضهم يلغى (ما) عنها ، فيقرّ عملها عليها : فمن ضمّ (ما) إلى (ليت) وكفّها بها عن عملها ألحقها بأخواتها : من (كأنّ) و (لعلّ) و (لكنّ) وقال أيضا : لا تكون (ليت) فى وجوب العمل بها أقوى من الفعل ؛ [و] قد نراه إذا كفّ بـ (ما) زال عنه عمله ؛ وذلك كقولهم : قلّما يقوم زيد فـ (ما) دخلت على (قلّ) كافّة لها عن عملها ، ومثله كثر ما ، وطالما ، فكما دخلت (ما) على الفعل نفسه فكفّته عن عمله وهيّأته لغير ما كان قبلها متقاضيا له ، كذلك تكون ما كافّة لـ (ليت) عن عملها ، ومصيّرة لها إلى جواز وقوع الجملتين جميعا بعدها ، ومن ألغى (ما) عنها وأقرّ عملها ، جعلها كحرف الجرّ فى إلغاء (ما) معه ؛ نحو قول الله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [المائدة : ١٣] وقوله : (عَمَّا قَلِيلٍ) [المؤمنون : ٤٠] و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) [نوح : ٢٥] ونحو ذلك ، وفصل بينها وبين (كأنّ) و (لعلّ) بأنها أشبه بالفعل منهما ؛ ألا تراها مفردة وهما مركّبتان ؛ لأن الكاف زائدة ، واللام زائدة.
هذا طريق اختلاف العلل لاختلاف الأحكام فى الشىء الواحد ؛ فأمّا أيّها أقوى ، وبأيها يجب أن يؤخذ؟ فشىء آخر ليس هذا موضعه ، ولا وضع هذا الكتاب له.
ومن ذلك اختلاف أهل الحجاز وبنى تميم فى هلمّ.
فأهل الحجاز يجرونها مجرى صه ، ومه ، ورويد ، ونحو ذلك مما سمّى به الفعل ، وألزم طريقا واحدا. وبنو تميم يلحقونها علم التثنية والتأنيث والجمع ، ويراعون أصل ما كانت عليه لم. وعلى هذا مساق جميع ما اختلفت العرب فيه.
فالخلاف إذا بين العلماء أعمّ منه بين العرب. وذلك أن العلماء اختلفوا فى الاعتلال لما اتّفقت العرب عليه ، كما اختلفوا أيضا فيما اختلفت العرب فيه ، وكلّ ذهب مذهبا ، وإن كان بعضه قويّا ، وبعضه ضعيفا.
* * *