وقول الآخر :
* هما نفثا فى فىّ من فمويهما (١) *
فإنه على كلّ حال لم يأت على أصله ، وإن كان قد زيد (٢) فيه ما ليس منه.
فإن قلت : فقد ظهرت اللام فى تكسير ذلك ؛ نحو أفواه ، وأستاه ، وأحراح ، قيل : قد ظهر أيضا الإعراب فى زيد نفسه ، لا فى جمعه ، ولم يمنع ذلك من بنائه. وكذلك القول فى تحقيره وتصريفه ؛ نحو فويه ، واسته (٣) ، وحرح (٤).
ومن ذلك قول أبى إسحاق فى التنوين اللاحق فى مثال الجمع الأكبر ؛ نحو جوار ، وغواش : إنه عوض من ضمّة الياء ؛ وهذه علّة غير جارية ؛ ألا ترى أنها لو كانت متعدّية لوجب أن تعوّض من ضمّة ياء يرمى ، فتقول : هذا يرم ، ويقض ، ويستقض.
فإن قيل : الأفعال لا يدخلها التنوين ، ففى هذا جوابان : أحدهما أن يقال له :
__________________
(١) صدر البيت من الطويل ، وهو للفرزدق فى ديوانه ٢ / ٢١٥ ، وتذكرة النحاة ص ١٤٣ ، وجواهر الأدب ص ٩٥ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٦٠ ـ ٤٦٤ ، ٧ / ٤٧٦ ، ٥٤٦ ، والدرر ١ / ١٥٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤١٧ ، ٢ / ٤٨٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٥٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ١١٥ ، والكتاب ٣ / ٣٦٥ ، ٦٢٢ ، ولسان العرب (فمم) ، و (فوه) ، والمحتسب ٢ / ٢٣٨ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٣٥ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢١٦ ، والإنصاف ١ / ٣٤٥ ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٧. وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢١٥ ، والمقتضب ٣ / ١٥٨ ، والمقرب ٢ / ٢٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٥١. وعجز البيت :
* على النّابح العاوى أسدّ رجام*
(٢) وفى اللسان. وحذفت الهاء كما حذفت من شفة ومن عضة ، وبقيت الواو طرفا متحركة فوجب إبدالها ألفا لانفتاح ما قبلها فبقى فا ، ولا يكون الاسم على حرفين أحدهما التنوين ، فأبدل مكانها حرف جلد مشاكل لها ، وهو الميم ، لأنهما شفهيتان. اللسان (فوه). وقد أورد ابن جنى فى سر الصناعة ٢ / ٥١ «فأما «الفما» فيجوز أن تنصبه بفعل مضمر ، كأنه قال : وأحب الفما. ويجوز أن يكون «الفما» فى موضع رفع إلا أنه اسم مقصور بمنزلة عصا.
وعليه جاء بيت الفرزدق :
* هما نفثا فى فىّ من فمويهما*
(٣) الاستة : عظيم الاست.
(٤) رجل حرح : يحب الأحراح ، جمع حر وهو الفرج.