وهذا واضح.
قال أبو علىّ رحمهالله : ليس بنت من ابن كصعبة من صعب ، إنما تأنيث ابن على لفظه ابنة. والأمر على ما ذكر.
فإن قلت : فهل فى بنت وأخت علم تأنيث أو لا؟
قيل : بل فيهما علم تأنيث. فإن قيل : وما ذلك العلم؟ قيل : الصيغة (فيهما علامة تأنيثهما) ، وذلك أن أصل هذين الاسمين عندنا فعل : بنو وأخو ، بدلالة تكسيرهم إيّاهما على أفعال فى قولهم : أبناء ، وآخاء. قال بشر بن المهلّب :
وجدتم بنيكم دوننا إذ نسبتم |
|
وأىّ بنى الآخاء تنبو مناسبه! (١) |
فلمّا عدلا عن فعل إلى فعل وفعل وأبدلت لاماهما تاء فصارتا بنتا ، وأختا كان هذا العمل وهذه الصيغة علما لتأنيثهما ؛ ألا تراك إذا فارقت هذا الموضع من التأنيث رفضت هذه الصيغة البتّة ، فقلت فى الإضافة إليهما : بنوىّ ، وأخوىّ ؛ كما أنك إذا أضفت إلى ما فيه علامة تأنيث أزلتها البتة ؛ نحو حمراوىّ وطلحىّ ، وحبلويّ. فأمّا قول يونس : بنتىّ وأختىّ فمردود عند سيبويه. وليس هذا الموضع موضوعا للحكم بينهما ، وإن كان لقول يونس أصول تجتذبه وتسوّغه.
وكذلك إن قلت : إذا كان سيبويه لا يجمع بين ياءي الإضافة وبين صيغة بنت ، وأخت ، من حيث كانت الصيغة علما لتأنيثهما فلم صرفهما علمين لمذكّر ، وقد أثبت فيهما علامة تأنيث بفكّها ونقضها مع ما لا يجامع علامة التأنيث : من ياءي الإضافة فى بنوىّ ، وأخوىّ؟ فإذا أثبت فى الاسمين بها علامة للتأنيث ، فهلا منع الاسمين الصرف بها مع التعريف ، كما تمنع الصرف باجتماع التأنيث إلى التعريف فى نحو طلحة ، وحمزة ، وبابهما ، فإن هذا أيضا ممّا قد أجبنا عنه فى موضع آخر.
وكذلك القول فى تاء ثنتان ، وتاء ذيت ، وكيت ، وكلتى : التاء فى جميع ذلك بدل من حرف علّة ، كتاء بنت وأخت ، وليست للتأنيث. إنما التاء فى ذيّة ، وكيّة ، واثنتان ، وابنتان ، للتأنيث.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لبشر بن المهلب فى الخصائص ١ / ٢٠٢ ، ولبعض بنى المهلب فى الخصائص ١ / ٣٣٨ ، وبلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ص ١٥٠ ، ولسان العرب (أخا).