ولا الاعتراض على ما مضى بحديثه ؛ أفلا ترى أن هذا الشاعر لو كان يسمح نفسا بأن يقرّ هذه الهمزة العارضة فى أتاء مكسورة بحالها كما أقرّها الآخر فى قوله :
له ما رأت عين البصير وفوقه |
|
سماء الإله فوق سبع سمائيا (١) |
وكان أبو علىّ ينشدناه :
* ... فوق ستّ سمائيا*
لقال (الأتائيا) كقوله (سمائيا).
فقد علمت بذلك شدّة نفوره عن إقرار الهمزة العارضة فى هذا الجمع مكسورة.
وإنما اشتدّ ذلك عليه ونبا عنه لأمر ليس موجودا فى واحد (سمائيا) الذى هو سماء. وذلك أن فى إتاوة واوا ظاهرة ، فكما أبدل غيره منها الواو مفتوحة فى قوله (الأتاوى) كالعلاوى والهراوى ؛ تنبيها على كون الواو ظاهرة فى واحده ـ أعنى إتاوة ـ كوجودها فى هراوة وعلاوة ، كذلك أبدل منها الواو فى أتاو ، وإن كانت مكسورة ؛ شحّا على الدلالة على حال الواحد ، وليس كذلك قوله : * ... فوق سبع سمائيا* ألا ترى أن لام واحده ليست واوا فى اللفظ فتراعى فى تكسيره ؛ كما روعيت فى تكسير هراوة وعلاوة. فهذا فرق ـ كما تراه ـ واضح.
نعم ، وقد يلتزم الشاعر لإصلاح البيت ما تتجمّع فيه أشياء مستكرهة لا شيئان اثنان : وذلك أكثر من أن يحاط به. فإذا كان كذلك لزم ما رمناه ، وصحّ به ما قدّمناه.
فهذا طريق ما يجئ عليه ؛ فقس ما يرد عليك به.
* * *
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ص ٧٠ ، وخزانة الأدب (١ / ٢٤٤ ، ٢٤٧) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٣٠٤) ، والكتاب (٣ / ٣١٥) ، ولسان العرب (١٤ / ٣٩٨) (سما) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر (٢ / ٣٣٧) ، والخصائص (١ / ٢١١ ، ٢١٢) ، (٢ / ٣٤٨) ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ١١٥ ، والمقتضب (١ / ١٤٤) ، والممتع فى التصريف (٢ / ٥١٣) ، والمنصف (٢ / ٦٦ ، ٦٨).