يكن معك ظاهر احتجت إلى التعديل ، والحكم بالأليق ، والحمل على الأكثر.
وذلك إذا كانت العين ألفا مجهولة فحينئذ ما تحتاج إلى تعديل الأمر ، فتحمل على الأكثر. فلذلك قال فى ألف (آءة) (١) : إنها بدل من واو. وكذلك ينبغى أن تكون ألف (الراء) لضرب من النبت ، وكذلك ألف (الصاب) لضرب من الشجر. فأمّا ألا يجيء من ذلك اللفظ نظير فتعلّل بغير نافع ولا مجد ؛ ألا ترى أنك تجد من الأصول ما لم يتجاوز به موضع واحد كثيرا. من ذلك فى الثلاثى حوشب (٢) ، وكوكب ، ودودرّى (٣) ، وأبنبم. فهذه ونحوها لا تفارق موضعا واحدا ، ومع ذلك فالزوائد فيها لا تفارقها.
وعلى نحو ممّا جئنا به فى (سيد) حمل سيبويه عيّنا ، فأثبت به (فيعلا) ممّا عينه ياء ، وقد كان يمكن أن يكون (فوعلا) و (فعولا) من لفظ العين ومعناها ، ولو حكم بأحد هذين المثالين لحمل على مألوف غير منكور ؛ [ألا ترى أن فوعلا وفعولا] لا مانع لكلّ واحد منهما أن يكون فى المعتلّ كما يكون فى الصحيح ، وأمّا (فيعل) ـ بفتح العين ـ ممّا عينه معتلّة فعزيز ، ثمّ لم يمنعه عزّة ذلك أن حكم به على (عيّن) وعدل عن أن يحمله على أحد المثالين اللذين كل واحد منهما لا مانع له من كونه فى المعتلّ العين كونه فى صحيحها. وهذا أيضا مما يبصّرك بقوّة الأخذ بالظاهر عندهم ، وأنه مكين القدم راسيها فى أنفسهم.
وكذلك يوجب القياس فيما جاء من الممدود لا يعرف له تصرّف ، ولا مانع من الحكم بجعل همزته أصلا ، فينبغى حينئذ أن يعتقد فيها أنها أصلية. وكذلك همزة (قساء) (٤) فالقياس يقتضى اعتقاد كونها أصلا ، اللهمّ إلّا أن يكون (قساء) هو (قسى) فى قوله :
__________________
(١) آءة تجمع على آء بوزن عاع : هو نوع من الشجر. اللسان (أوأ).
(٢) الحوشب : العظيم البطن ، المنتفخ الجبين. وانظر اللسان (حشب).
(٣) الدّودرىّ : العظيم الخصيتين ، لم يستعمل إلا مزيدا إذ لا يعرف فى الكلام مثل ددر. اللسان (ددر).
(٤) قساء : موضع ، وقد قيل : هو قسى بعينه. قال الوزير : قساء ـ بكسر القاف ـ اسم موضع مصروف ، وقساء ـ بضم القاف ـ اسم موضع غير مصروف. اللسان (قسا).