الإطلاق بتاء التأنيث ، أى فصحّح اللام لها كما يصحّحها للهاء ، وليست كذلك هاء بيان الحركة ؛ لأنها لم تقو قوّة تاء التأنيث ؛ أولا ترى أن ياء الإطلاق فى قوله :
* ... كلّه لم أصنعى (١) *
قد نابت عن الضمير العائد حتى كأنه قال : لم أصنعه ، فلذلك كان (وا) من قوله : (وتفلينى وا) كأنه لاتّصاله بالألف غير معلّق. فإذا كان فى اللفظ كأنه غير معلق وعاد من بعد معطوفا به لم يكن هناك كبير مكروه فيعتذر منه.
فإن قلت : فإنّ هاء بيان الحركة قد عاقبت لام الفعل ؛ نحو ارمه ، واغزه ، واخشه ، فهذا يقوّيها ، فإنه موضع لا يجوز أن يسوّى به بينها وبين ألف الإطلاق.
والوجه الآخر الذى لأجله حسن حذف المعطوف أن الخبر جاء بلفظ التثنية ، فكان ذلك دليلا على أن المخبر عنه اثنان. فدلّ الخبر على حال المخبر عنه. إذ كان الثانى هو الأوّل. فهذا أحد وجهىّ ما تحتمله الحكاية.
والآخر أن يكون الكلام محمولا على حذف المضاف أى راكب الناقة أحد طليحين ، كما يحتمل ذلك قوله سبحانه (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٣] أى من أحدهما ، وقد ذهب فيه إليه فيما حكاه أبو الحسن. فالوجه الأوّل ؛ وهو ما كنا عليه : من أن المحذوف من اللفظ إذا دلّت الدلالة عليه كان بمنزلة الملفوظ به ، ألا ترى أن الخبر لمّا جاء مثنّى دلّ على أن المخبر عنه مثنّى كذلك أيضا ، وفى هذا القول دليل على ما يرد من نحوه بمشيئة الله [وحوله].
* * *
__________________
(١) جزء من رجز لأبى النجم فى تخليص الشواهد ص ٢٨١ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٥٩ ، والدرر ٢ / ١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤ ، ٤٤١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٤٤ ، وشرح المفصل ٦ / ٩٠ ، والكتاب ١ / ٨٥ ، والمحتسب ١ / ٢١١ ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٤٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٠١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٤ ، وتاج العروس (خير) ، وبلا نسبة فى الأغانى ١٠ / ١٧٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٠ ، ٦ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٠ ، والكتاب ١ / ١٢٧ ، ١٣٧ ، ١٤٦ ، المقتضب ٤ / ٢٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٧.