وتمسح القنفاء حتى تنتا
فإنما جاز هذا لضرورة الشعر ، ولأنه أيضا قد أعاد الحرف فى أوّل البيت الثانى ، فجاز تعليق الأوّل بعد أن دغمه بحرف الإطلاق وأعاده ، فعرف ما أراد بالأوّل ، فجرى مجرى قوله :
عجّل لنا هذا وألحقنا بذا ال |
|
الشّحم إنّا قد مللناه بجل (١) |
فكما علّق حرف التعريف مدعوما بألف الوصل وأعاده فيما بعد ، فكذلك علّق حرف العطف مدعوما بحرف الإطلاق وأعاده فيما بعد. فإن قلت : فألف قوله (وا) ملفوظ بها ، وألف الوصل فى قوله (بذال) غير ملفوظ بها ، قيل لو ابتدأت اللام لم يكن من الهمزة بدّ. فإن قلت : أفيجوز على هذا (قام زيدوه ، وعمرو) فتجرى هاء بيان الحركة مجرى ألف الإطلاق؟ فإنه أضعف القياسين. وذلك أن ألف الإطلاق أشبه بما صيغ فى الكلمة من هاء بيان الحركة ؛ ألا ترى إلى ما جاء من قوله :
ولاعب بالعشىّ بنى بنيه |
|
كفعل الهرّ يحترش العظايا (٢) |
فأبعده الإله ولا يؤبّى |
|
ولا يسقى من المرض الشفايا (٣) |
ـ وقرأته علىّ أبى على : ولا يشفى ـ ألا ترى أن أبا عثمان قال : شبّه ألف
__________________
(١) الرجز لغيلان بن حريث فى الدرر ١ / ٢٤٥ ، الكتاب ٤ / ١٤٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥١٠ ، ولحكيم بن معيّة فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦٩ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (طرا) ، ورصف المبانى ٤١ ، ٧٠ ، ١٥٣ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٣ ، والكتاب ٣ / ٣٢٥ ، واللامات ص ٤١ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ١٢١ ، والمقتضب ١ / ٨٤ ، ٢ / ٩٤ ، والمنصف ١ / ٦٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٧٩ ، وكتاب العين ٦ / ١٣٤ ، وتاج العروس (طرا) ، ويروى «بذال» مكان «بذل».
(٢) البيت لأعصر بن قيس عيلان فى لسان العرب (حما) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (ثمن) ، والمخصّص ٨ / ١٠٠ ، ١٥ / ١١٧. العظاية : دويبة على خلقة سام أبرص أعيظم منها شيئا ، والعظاءة لغة فيها ، والجمع عظايا وعظاء. اللسان (عظى).
(٣) البيت لأعصر بن سعد بن قيس عيلان فى لسان العرب (حما) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (ثمن) ، ويروى :
فلا ذاق النعيم ولا شرابا |
|
ولا يعطى من المرض الشفايا |