كما يرى رتشاردز أن تأثير اللفظ من حيث هو صوت لا يمكن فصله عن تأثيراته الأخرى التى تتم فى نفس الوقت ، فجميع هذه التأثيرات ممتزجة بحيث لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر .. ويرى أنه لا توجد مقاطع أو حروف متحركة تتصف بطبيعتها بالحزن أو الفرح. إذ تختلف الطريقة التى يؤثر بها الصوت فى نفوسنا تبعا للانفعال الذى يكون موجودا فعلا فى ذلك الوقت ، بل إنها تختلف أيضا تبعا للمدلول ، وتوقع حدوث الصوت نتيجة للعادة ولروتين الإحساس ليس إلا مجرد جزء من حالة التوقع العامة ، فهناك عوامل تتدخل فى العملية. ولا يحدد الصوت ذاته طريقة تأثيره بقدر ما تحددها الظروف التى يدخل فيها هذا الصوت ، هذه التوقعات جميعا مرتبط بعضها بالبعض الآخر ارتباطا وثيقا. والكلمة الناجحة هى التى تستطيع أن تشبع هذه التوقعات جميعا فى نفس الوقت ، إلا أنه يجب علينا ألا نعزو إلى الصوت وحده ميزات تتضمن هذا العدد الكبير من العوامل الأخرى ، ولا يعنى قولنا هذا أن نقلل من أهمية الصوت فى شيء. فالصوت فى معظم الحالات هو مفتاح التأثيرات.
ويرى النقاد المحدثون «أن الصوت والوزن يجب أن يدرسا كعنصرين فى مجمل العمل الفنى ، وليس بمعزل عن المعنى».
والحق ما ذكره ريتشاردز يثير عددا من القضايا المهمة فى بحث تلك العلاقة الدقيقة بين الصوت والدلالة تحتاج منا إلى وقفة متأنية لتأملها.
فهو يقرر أولا أن الدلالة الصوتية تأتى مصاحبة ومتضافرة فى الوقت نفسه مع دلالاته الأخرى المعجمية والصرفية والنحوية ... إلخ.
وهذا ينبغى ألا يمثل إشكالا من جهة عزو تأثير هذا اللفظ إلى إحدى هذه الدلالات دون الأخرى.
فقد يدعى مدع أن الدلالة الصوتية للفظ ما فى سياق ما هى كذا وكذا ، فلا يجوز لأحد تكذيبه لكونه يستشعر أن تلك القيمة إنما هى حصيلة الدلالة الصرفية أو المعجمية لتلك الكلمة مثلا ؛ لأنه يرد على ذلك المكذب بأنه لا تزاحم بين الدوال ، فلا مانع أن يكون للمعنى الواحد دوال متعددة ، فهذا يؤدى إلى تقوية المعنى وتأكيده لأن هذه الدوال إنما تعمل متآزرة متعاضدة.
ولننظر على سبيل المثال هنا إلى الدلالة الفنية لكلمة (توسوس) فى قوله تعالى :