مكسور المضارع لا غير.
قيل : إنما جاز هذا فى المضاعف لاعتلاله ، والمعتلّ كثيرا ما يأتى مخالفا للصحيح ؛ نحو سيّد ، وميّت ، وقضاة ، وغزاة ، ودام ديمومة ، وسار سيرورة. فهذا شيء عرض قلنا فيه ، ولنعد.
وكذلك حال قولهم قنط يقنط ، إنما هو لغتان تداخلتا. وذلك أن قنط يقنط لغة ، وقنط يقنط أخرى ، ثم تداخلتا فتركّبت لغة ثالثة. فقال من قال قنط : يقنط ، ولم يقولوا : قنط يقنط ؛ لأن آخذا إلى لغته لغة غيره قد يجوز أن يقتصر على بعض اللغة التى أضافها إلى لغته دون بعض. وأمّا حسب يحسب ، ويئس ييئس ، ويبس ييبس فمشبّه بباب كرم يكرم ، على ما قلنا فى نعم ينعم. وكذلك متّ تموت ، ودمت تدوم ، وإنما تدوم وتموت على من قال متّ ودمت ، وأمّا مت ودمت فمضارعهما تمات وتدام ؛ قال :
يا ميّ لا غرو ولا ملاما |
|
فى الحبّ إن الحبّ لن يداما (١) |
وقال :
بنىّ يا سيّدة البنات |
|
عيشى ولا يؤمن أن تمانى (٢) |
ثم تلاقى صاحبا اللغتين ، فاستضاف هذا بعض لغة هذا ، وهذا بعض لغة هذا ، فتركّبت لغة ثالثة. قال الكسائىّ : سمعت من أخوين من بنى سليم يقولان : نما ينمو ، ثم سألت بنى سليم عنه فلم يعرفوه. وأنشد أبو زيد لرجل من بنى عقيل :
ألم تعلمى ما ظلت بالقوم واقفا |
|
على طلل أضحت معارفه قفرا (٣) |
فكسروا الظاء فى إنشادهم وليس من لغتهم.
وكذلك القول فيمن قال : شعر فهو شاعر ، وحمض فهو حامض ، وخثر فهو
__________________
(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (دوم) ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٨ ، وتاج العروس (دوم).
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (موت) ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١٣٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٥٧ وتاج العروس (موت). وفى الصحاح «بنيتى سيدة» ، «ولا نأمن».
(٣) البيت لرجل من بنى عقيل فى لسان العرب (ظلل) ، وتاج العروس (ظلل).