خاثر : إنما هى على نحو من هذا. وذلك أنه يقال : خثر وخثر ، وحمض وحمض ، وشعّر وشعر ، وطهر وطهر ، فجاء شاعر ، وحامض ، وخاثر ، وطاهر على حمض ، وشعر ، وخثر ، وطهر ، ثم استغنى بفاعل عن «فعيل» وهو فى أنفسهم وعلى بال من تصوّرهم. يدلّ على ذلك تكسيرهم لشاعر : شعراء لمّا كان فاعل هنا واقعا موقع «فعيل» كسّر تكسيره ؛ ليكون ذلك أمارة ودليلا على إرادته ، وأنه مغن عنه ، وبدل منه ؛ كما صحّح العواور ليكون دليلا على إرادة الياء فى العواوير ، ونحو ذلك.
وعلى ذلك قالوا : عالم وعلماء ـ قال سيبويه : يقولها من لا يقول عليم ـ لكنه لمّا كان العلم إنما يكون الوصف به بعد المزاولة له وطول الملابسة صار كأنه غريزة ، ولم يكن على أوّل دخوله فيه ، ولو كان كذلك لكان متعلّما لا عالما ، فلمّا خرج بالغريزة إلى باب فعل صار عالم فى المعنى كعليم ، فكسّر تكسيره ، ثم حملوا عليه ضدّه ، فقالوا : جهلاء كعلماء ، وصار علماء كحلماء ؛ لأن العلم محلمة لصاحبه ، وعلى ذلك جاء عنهم فاحش وفحشاء ، لم ٣ كان الفحش ضربا من ضروب الجهل ، ونقيضا للحلم ؛ أنشد الأصمعىّ ـ فيما روينا عنه ـ :
* وهل علمت فحشاء جهله (١) *
وأما غسا يغسى ، وجبى يجبى ، فإنه كأبى يأبى. وذلك أنهم شبّهوا الألف فى آخره بالهمزة فى قرأ يقرأ ، وهدأ يهدأ. وقد قالوا غسى يغسى ، فقد يجوز أن يكون غسا يغسى من التركّب الذى تقدّم ذكره. وقالوا أيضا جبى يجبى ، وقد أنشد أبو زيد :
* يا إبلى ما ذا مه فتأبيه (٢) *
فجاء به على وجه القياس ، كأتى يأتى. كذا رويناه عنه ، وقد تقدم ذكره ، وأننى
__________________
(١) البيت من الرجز لصخر بن عمير فى اللسان (مغث) وبعده :
* ممغوثة أعراضهم ممرطلة*
(٢) الرجز للزّفيان السعدى فى ديوانه ص ١٠٠ ، ولسان العرب (ذيز) ، وتاج العروس (ذيز) ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ٥ / ٢٤١ ، ١٣ / ٢٧٠ ، ٢٧٩ ، ١٥ / ٣١٣ ، وتاج العروس (زبى) ، وبعده :
* ماء رواء ونصى حوليه*