لى : أين أنت؟ أنا أطلبك. قلت : وما ذلك؟ قال : ما تقول فيما جاء عنهم من حوريت (١)؟ فخضنا معا فيه ، فلم نحل بطائل منه ، فقال : هو من لغة اليمن ، ومخالف للغة ابنى نزار ، فلا ينكر أن يجيء مخالفا لأمثلتهم.
وأخبرنا أبو صالح السليل بن أحمد بن عيسى بن الشيخ ، قال حدثنا أبو عبد الله محمد (٢) بن العباس اليزيدىّ ، قال حدثنا الخليل بن أسد النوشجانىّ ، قال حدّثنى محمد بن يزيد بن ربّان ، قال أخبرنى رجل عن حمّاد الراوية ، قال : أمر النعمان فنسخت له أشعار العرب فى الطنوج (٣) ـ قال : وهى الكراريس ـ ، ثم دفنها فى قصره الأبيض. فلمّا كان المختار بن أبى عبيد قيل له : إنّ تحت القصر كنزا ، فاحتفره ، فأخرج تلك الأشعار ، فمن ثمّ أهل الكوفة أعلم بالشعر من أهل البصرة. وهذا ونحوه مما يدلّك على تنقّل الأحوال بهذه اللغة ، واعتراض الأحداث عليها ، وكثرة تغوّلها وتغيرها.
فإذا كان الأمر كذلك لم نقطع على الفصيح يسمع منه ما يخالف الجمهور بالخطإ ، ما وجد طريق إلى تقبّل ما يورده ، إذا كان القياس يعاضده ؛ فإن لم يكن القياس مسوّغا له ؛ كرفع المفعول ، وجرّ الفاعل ، ورفع المضاف إليه ، فينبغى أن يردّ. وذلك لأنه جاء مخالفا للقياس والسماع جميعا ، فلم يبق له عصمة تضيفه ، ولا مسكة تجمع شعاعه.
فأمّا قول الشاعر ـ فيما أنشده أبو الحسن ـ :
* يوم الصليفاء لم يوفون بالجار (٤) *
__________________
(١) اسم موضع.
(٢) القصة فى اللسان (طنج).
(٣) الطنوج : الكراريس. ولم يذكر لها واحد. اللسان والقاموس (طنج).
(٤) عجز البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٢٦٦ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٠٥ ، ٩ / ٣ ، ١١ / ٤٣١ ، والدرر ٥ / ٦٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٤٤٨ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٧٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٧٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٧٦ ، وشرح المفصل ٧ / ٨ ، ولسان العرب (صلف) : والمحتسب ٢ / ٤٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٧٧ ، ٣٣٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٤٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٦. وصدر البيت :
* لو لا فوارس من ذهل وأسرتهم*