الدم لم يستدل عليها ، ولا عرف موضعها ؛ قال صلىاللهعليهوسلم : «كل ما أصميت ودع ما أنميت» (١).
وهذا مذهب فى هذه اللغة طريف ، غريب لطيف. وهو فقهها ، وجامع معانيها ، وضامّ نشرها. وقد هممت غير دفعة أن أنشئ فى ذلك كتابا أتقصّى فيه أكثرها ، والوقت يضيق دونه. ولعله لو خرج لما أقنعه ألف ورقة إلا على اختصار وإيماء. وكان أبو على رحمهالله يستحسن هذا الموضع جدّا ، وينبّه عليه ، ويسرّ بما يحضره خاطره منه. وهذا باب إنما يجمع بين بعضه وبعض من طريق المعانى مجرّدة من الألفاظ ، وليس كالاشتقاق الذى هو من لفظ واحد ، فكأن بعضه منبهة على بعض. وهذا إنما يعتنق فيه الفكر المعانى غير منبهتة عليها الألفاظ. فهو أشرف الصنعتين ، وأعلى المأخذين. فتفطّن له ، وتأنّ لجمعه ؛ فإنه يؤنقك ويفئ عليك ، ويبسط ما تجعّد من خاطرك ، ويريك من حكم البارى ـ عزّ اسمه ما تقف تحته ، وتسلّم لعظم الصنعة فيه ، وما أودعته أحضانه ونواحيه.
* * *
__________________
(١) أورده الهيثمى فى «المجمع» (٤ / ١٦٢) ، وقال : «رواه الطبرانى فى الأوسط ، وفيه عبادة بن زياد ـ بفتح العين ـ وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه موسى بن هارون وغيره».