(وقوله) (تداعين باسم الشيب) لصوت مشافرها ، وقوله :
بينما نحن مرتعون بفلج |
|
قالت الدّلّح الرواء إنيه (١) |
فهذا حكاية لرزمة السحاب وحنين الرعد ، وقوله :
* كالبحر يدعو هيقما وهيقما (٢) *
وذلك لصوته. ونحو منه قولهم : حاحيت ، وعاعيت ، وهاهيت ؛ إذا قلت : حاء ، وعاء ، وهاء. وقولهم : بسملت ، وهيللت ، وحولقت ؛ كل ذلك (وأشباهه) إنما يرجع فى اشتقاقه إلى الأصوات. والأمر أوسع.
[ومن طريف ما مرّ بى فى هذه اللغة التى لا يكاد يعلم بعدها ، ولا يحاط بقصيها ، ازدحام الدال ، والتاء ، والطاء ، والراء ، واللام ، والنون ، إذا مازجتهن الفاء على التقديم والتأخير ، فأكثر أحوالها ومجموع معانيها أنها للوهن والضعف ونحوهما].
من ذلك (الدالف) للشيخ الضعيف ، والشىء التالف ، والطليف ، (والظليف) (٣) المجّان وليست له عصمة الثمين ، والطنف ، لما أشرف خارجا عن البناء وهو إلى الضعف ، لأنه ليست له قوّة الراكب الأساس والأصل ، والنطف : العيب ، (وهو إلى الضعف) ، والدنف : المريض. ومنه (التنوفة) وذلك لأن الفلاة إلى الهلاك ؛ ألا تراهم يقولون لها : مهلكة ، وكذلك قالوا لها : بيداء ، فهى فعلاء من باد يبيد.
ومنه الترفة ، لأنها إلى اللين والضعف ، وعليه قالوا : الطرف ؛ لأن طرف الشىء أضعف من قلبه وأوسطه ، قال الله سبحانه (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) [الرعد : ٤١]. وقال الطائىّ الكبير :
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (قول) ، وكتاب العين ٣ / ١٣٧ ، ومقاييس اللغة ٢ / ٢٩٥ ، ومجمل اللغة ٢ / ٢٨٦ ، وأساس البلاغة (دلج) ، وتاج العروس (قول) ، (أنه). الهيقم : حكاية صوت اضطراب البحر.
(٢) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٤ ، ولسان العرب (هقم) ، وتاج العروس (هقم) ، وتهذيب اللغة ٦ / ٣ ، ٧ / ٤١ ، وجمهرة اللغة ص ٩٧٨ ، ١١٧٠ ، وكتاب العين ٣ / ٣٧٢ ، ومجمل اللغة ٤ / ٤٧٣ ، ومقاييس اللغة ٦ / ٥٨ ، وتاج العروس (خيقم).
(٣) الظليف لغة فى الطليف. ويقال : ذهب به مجانا وظليفا وطليفا إذا أخذه بغير ثمن.