بصورة وهمية ، يلائم المتقين يحكم بالاتحاد بينها وبين المتقين.
لا يقال : على هذا التقدير ، لم يتصور هناك حصر أصلا ، فكيف يستعمل فيه ضمير الفصل؟
قلنا : يجرد حينئذ لتميز الخبر عن النعت وتأكيد الحكم دون القصر.
فان قلت : قوله (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) جملتان مصوغتان لمدح المتقين ، فلم وقعت إحداهما بطريق القصر والحكم بالاتحاد والأخرى بدونه؟
قلنا : لظهور التلازم بين مسنديهما فقصر أحدهما في قوة قصر الأخرى.
وكذلك الحكم بالاتحاد في أحدهما في قوة الحكم بالاتحاد في الأخرى. وانما اختير ذلك في الجملة الاخيرة ، ليقع خاتمة صفاتهم على وجه أبلغ.
وفي التفسير المنسوب الى أبي محمد العسكري ـ صلوات الله عليه وعلى آبائه (١) ـ قال الامام ـ عليه السلام ـ ثم أخبر عن جلالة هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات الشريفة ـ فقال : «أولئك» ، أهل هذه الصفات ، «على هدى» ، بيان (٢) وصواب «من ربهم» وعلم بما أمرهم به. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الناجون مما منه يوجلون ، الفائزون بما يؤملون.
قال : وجاء رجل الى أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فقال : يا أمير المؤمنين! ان بلالا كان يناظر اليوم ، فلانا. فجعل يلحن في كلامه. وفلان يعرب ويضحك من بلال.
فقال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : يا عبد الله! انما يراد اعراب الكلام وتقويمه لتقويم الأعمال وتهذيبها. ما ذا ينفع فلانا اعرابه وتقويمه لكلامه ، إذا كانت أفعاله
__________________
(١) تفسير العسكري / ٤٣.
(٢) المصدر : وبيان.