دفع الضر ، أهم من جلب النفع. فإذا لم ينفع فيهم ، كانت البشارة بعدم النفع أولى.
وقرئء أنذرتهم ، بتحقيق الهمزتين وتخفيف الثانية. بين بين وقلبها ألفا.
وهو لحن. لأن المتحركة لا تقلب. ولأنه يؤدي الى التقاء الساكنين على غير حده.
وبتوسيط ألف بينهما ، محققتين وبتوسيطها. والثانية بين بين وبحذف الاستفهامية وبحذفها وإلقاء حركتها على الساكن قبلها.
(لا يُؤْمِنُونَ) ، تأكيد أو بيان ، للجملة التي قبلها ، أعني : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ). وحينئذ يكون محله الرفع ، ان جعل ما قبله جملة من مبتدأ وخبر لا صفة مع الفاعل. فانه على هذا التقدير لم يكن لقوله «يؤمنون» ، محل ، أو خبر بعد خبر ، أو جملة مستأنفة ، أو حال من مفعول «أنذرتهم». قيل : أو خبر.
وقوله «سواء» ـ الخ ، اعتراض بين المبتدأ والخبر.
ورد بأن الاخبار عن المصرين على الكفر ، بعدم الايمان لا فائدة فيه. واحتجت المجوّزة لتكليف ما لا يطاق ، بالاية ، بأنه سبحانه ، أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون ، وأمرهم بالايمان. فلو آمنوا ، انقلب خبره ، كذبا. وشمل ايمانهم ، الايمان بأنهم لا يؤمنون. فيجتمع الضدان.
والجواب : ان الاخبار بوقوع الشيء أو عدمه ، لا ينفي القدرة عليه ، كاخباره تعالى عما يفعله هو. والعبد باختياره. وفائدة الانذار بعد العلم ، بأنه لا ينجع الزام الحجة وحيازة الرسول ، فضل (١) الإبلاغ. ولذلك قال : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ). ولم يقل «سواء عليك». كما قال لعبدة الأصنام : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) وقد حقق الكلام في هذا الجواب ، العلامة النحرير القزويني (٢) ـ أدام الله ظله
__________________
(١) أ : أفضل.
(٢) هو العالم الفاضل المدقق المولى خليل بن الغازي القزويني الأصل والمسكن