قيل : لا يجوز أن يكون «سواء» خبرا. لأن الجملة ، لما كانت مصدرة بالاستفهام ، لا يجوز تقديم ما في حيّزها عليها.
ورد بأن «الهمزة» و «أم» دخلتا عليه ، لتقرير معنى الاستواء وتأكيده. فإنهما جردتا عن معنى الاستفهام ، لمجرد الاستواء ، كما جردت حرف النداء ، عن الطلب لمجرد التخصيص ، في قولهم : «اللهم اغفر لنا أيتها العصابة» ، بل هو أولى من أن يكون فاعلا ، للاستواء. لأنه لما كان اسما غير صفة ، فالأصل أن لا يعمل.
وإذا جعله بمعنى اسم الفاعل ، فأتت المبالغة المقصودة ، من الوصف بالمصادر ووجه افراده على الأول ، ظاهر. وعلى الثاني ، لجهة مصدريته. ولما كان الاستواء المستفاد ، من الحرفين ، غير الاستواء المفهوم من سواء ، فلا تكرار.
وذهب بعض النحاة الى أن «سواء» مثل هذا المقام ، خبر مبتدأ محذوف أي ، الأمران سواء عليهم.
وان الهمزة بما بعدها ، بيان للأمرين. والفعلان في معنى الشرط ، على أن يكون الهمزة ، بمعنى أن الشائع استعمالها ، في غير المتيقن.
و «أم» بمعنى «أو» لأن كليهما ، لأحد الأمرين.
والجملة ، الاسمية ، أعني (١) ، الأمران سواء دالة على الجزاء. فعلى هذا يكون ، خبر «ان» ، هو الجملة الشرطية. والمعنى : ان الذين كفروا ان أنذرت أو لم تنذر ، فهما سواء عليهم.
و «عليهم» ، متعلق بالاستواء.
و «الانذار» ، التخويف. أريد به التخويف من عقاب الله. وانما اقتصر (٢) عليه ، دون البشارة ، لأنه أوقع في القلب وأشد تأثيرا في النفس ، من حيث أن
__________________
(١) ر : يعنى.
(٢) أ : اقتصرت.