لفظ ما لم يسم فاعله. وحينئذ يكون (إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) ، معناه ، الّا عن أنفسهم ، على حذف حرف الجر. يقال : خدعت زيدا نفسه. أي عن نفسه : نحو : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) (١). ويحتمل النصب على التميّز ، عند من يجوز كونه معرفة.
واستعمال الخدع ، بناء على تضمينه ، معنى الصدور ، أي : ما يخدعون الا خدعا صادرا ، عن أنفسهم ، منشئا عنهما.
والنفس ، الذات. ويقال للقلب ، بمعنى العضو الصنوبري ، نفس. لأن قوام النفس ، بمعنى الذات ، بذلك. ولهذا المعنى ـ أيضا ـ يقال للروح وللدم نفس. وللماء ، لفرط حاجتها اليه. وللرأي ، في قولهم فلان يؤامر نفسه ، أي : يشاورها. لأنه ينبعث عنها ، تسمية للمسبب ، باسم السبب. أو يشبه ذاتا تأمره وتشير عليه. فيكون استعارة مبنية على التشبيه.
والمراد بالأنفس ، هنا ، ذواتهم. ويحتمل حملها على أرواحهم وآرائهم.
قيل : أن المختار عند المحققين من الفلاسفة وأهل الإسلام ، من الصوفية وغيرهم ، أنها ، أي النفس ، جوهر مجرد في ذاته ، متعلق بالبدن ، تعلق التدبير والتصرف. ومتعلقه ، أولا ، هو الروح الحيواني القلبي ، المتكون في جوفه الأيسر ، من بخار الغذاء ولطيفه. ويفيد قوة لها يسري ، في جميع البدن. فيفيد كل عضو قوة بها ، يتم نفعه. وقد يطلق على هذا الجوهر المجرد ، القلب والروح أيضا. فعلى هذا يمكن أن يراد بالأنفس ، النفوس المتعلقة بأبدانهم ، على سبيل الحقيقة. بأن يكون موضوعا لهذا الجوهر المجرد. كما للذات ، على تقدير وضعه للذات ، فقط ، إطلاقه عليه ، اما بالحقيقة ، أو المجاز. فان الذات ، لو كانت عبارة من مجموع الجثة (٢) والروح المجرد ، فإطلاق النفس عليه من اطلاق اسم الكل
__________________
(١) الاعراف / ١٥٥.
(٢) أ : الجنة.