كما أسند الربح الى التجارة في قوله تعالى (١) (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) ، لأنها من ملابسات التاجر. وفيه مبالغة وتنبيه على أن الألم ، بلغ الغاية (٢). بحيث عرض لصفة المعذب ، كما عرض له. وعلى هذا يكون المجاز في الاسناد.
ولو جعل المؤلم (٣) بمعنى ما يلابسه الألم ، لأنهما متلاقيان في موصوف واحد فيكون المجاز في المفرد. لكن يفوت (٤) المبالغة. ووجه أنه تعالى قال في حق المصرين على الكفر : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) ، ولم يذكر له سببا وفي حق المنافقين : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) ، وبين أن سببه الكذب ، أن الكافرين المصرين هم المطرودون. فينبغي أن يكون عذابهم عظيما. لكنهم لا يجدون شدة ألمه ، لعدم صفاء قلوبهم ، كحال العضو الميت أو المفلوج ، إذا وقع عليه القطع.
والمنافقين لثبوت استعدادهم في الأصل وبقاء ادراكهم في الجملة ، يجدون شدة الألم ، فيكون عذابهم مؤلما مسببا عن الكذب ولواحقه. بخلاف عذاب المصرين.
فانه ذاتي لهم. لا لأمر عارض.
وفي تقديم الخبر هاهنا ـ أيضا ـ فائدتان : زيادة تخصيص المبتدأ النكرة وافادة الحصر ، ادعاء.
(بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠)) : «قراءة عاصم وحمزة والكسائي» (٥).
«والكذب» ، الاخبار عن الشيء ، بغير ما هو عليه.
وقرئ يكذبون ، من كذبه ، نقيض صدقه ، أو من كذب الذي هو للمبالغة والتكثير أو من كذب الوحشي ، إذا جرى شوطا. ووقف لينظر ما ورائه. فان المنافق ،
__________________
(١) البقرة / ١٦.
(٢) ر : العناية.
(٣) ليس في أ.
(٤) أ : بقوة.
(٥) ر. أنوار التنزيل ١ / ٢٤.