وقصد به الحكاية أو الفرض ليرشدهم ، الى عدم صلاحية الألوهية ، فمحمول على التعريض. ولكن لما كان صورته ، صورة الكذب ، سمي به. ووجه إيراد كان الدالة على المضي. و «يقولون» و «يخادعون» و «يخدعون» ، للحال.
ووقوع كلام المنافقين ، قبلها ، ليس بمعلوم أن كذبهم ، سبب لثبوت العذاب لهم في الاستقبال أو للحكم به في الحال ، فينبغي أن يكون متقدما على ما هو سبب له.
فالمراد بالمضي ، هذا التقدم ، سواء كان بالزمان ، أو بالذات.
قال بعض الفضلاء : وإذ قد أوقعنا المباحث اللفظية ، في وادي التفرقة ، فلا بد أن نستريح باستشمام روائح رياض الجمعية. فنقول :
و «من الناس» ، الناسي اعترافهم ، في معهد (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ، بربوبية ربهم ، بتجلّيه العلمي ـ أولا ـ بصور أعيانهم الثابتة على نفسه ، وتجلّيه الوجودي ـ ثانيا ـ بصور أعيانهم الخارجية ، وتربيته (١) إياهم ، طورا بعد طور ومرتبة بعد مرتبة ، الى أن وصلوا الى هذه النشأة الجسمانية العنصرية ، «من يقولون» بألسنة أقوالهم «آمنا بالله» أحدية جمع الأسماء الالهية السارية ، بالكل في الكل. فلا فاعل ، بل لا موجود في الوجود ، الا هو. فهو الفاعل في كل عين ، إذ لا فعل للعين. بل الفعل له. ولكن فيها «وباليوم الاخر» ، أي بتجلّيه النوري الوجودي آخرا بالاسم المجازي لجزاء الأعمال. فلا مجازي الا هو. فهو العامل وهو المجازي على العمل فهم وان كانوا مؤمنين بالقول ، صورة ، فما هم بمؤمنين بالحال حقيقة. إذ حقيقة الايمان بالله سبحانه ، يقتضي أن لا يسند الآثار ، الا اليه. بل لا يرى في الوجود ، الا هو. فحيث قالوا «آمنا» ، وما قالوا بتجلي (٢) الحق في صورة ، منوطة باسمه
__________________
(١) أ : ترتيبه.
(٢) أ : تجلى.