فان كانت كافة للكفّ عن العمل ، مصححة لدخولها على الجملة ، كان التشبيه بين مضموني الجملتين. أي ، حققوا ايمانكم ، كما حقق الناس ايمانهم. وان كانت مصدرية ، فالمعنى ، آمنوا ايمانا كايمانهم.
وعلى التقديرين ، قوله (كَما آمَنَ النَّاسُ) في موضع النصب ، على المصدرية.
و «اللام» ، للعهد. أي ، كما آمن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ومن معه. وهم ناس معهودون ، على الإطلاق ، عندهم. أو من آمن من أهل بلدتهم ، كابن سلام وأصحابه. وهم ناس معهودون عندهم. أو للجنس. والمراد به ، الكاملون في الانسانية ، العاملون بقضية العقل. فان اسم الجنس ، كما يستعمل لمسماه (١) ، مطلقا ، يستعمل لما يستجمع المعاني المخصوصة به والمقصودة منه. ولذلك يسلب عن غيره. فيقال : زيد ليس بإنسان. وقد جمع الاستعمالين [في] قول الشاعر :
إذا الناس ناس و |
|
الزمان زمان |
واستدل به على مطلبين : أحدهما أن توبة الزنديق مقبولة. وثانيهما أن الإقرار باللسان ، ايمان.
تقرير الأول : ان الكافرين مأمورون بالايمان. فلو لم يكن توبتهم مقبولة ، لم يكونوا مكلفين. ضرورة ، ان كونهم مكلفين مع عدم قبول توبتهم ، جبر. وهذا انما يتم لو كان دعوة بعض المؤمنين ، الى الايمان ، تكليفا. ولو سلم ، فإنما يدل على ذلك لو كان قولهم ذلك ، بطريق دعوة والحق ، أن توبة الزنديق ، عن غير فطرة ، مقبولة ، مطلقا (٢) ، وعن الفطرة ، غير مقبولة ، ظاهرا. لكن لا بدلالة الاية ، بل بدلالة الآيات الاخر والأحاديث المروية.
وتقرير الثاني : انه لو لم يكن ايمانا ، لم يفد التقييد بقوله (كَما آمَنَ النَّاسُ).
__________________
(١) أ : المسماه.
(٢) ليس في أ.