اقترح شيئا نجد لك طبخة. قلت : اطبخوا لي (١) جبة وقميصا (٢).
وقد يجاب بأن وقوعها في القرآن ، انما هو بالنظر الى هذه الاية. وبأن ترك ضرب المثل بالبعوضة وبما فوقها ، يكون بتركهما ، جميعا. فهو في قوة السلب الكلي. وهو يرتفع بالإيجاب الجزئي. فليكن صدق نفي تركهما ، بوقوع ضرب المثل ، بما فوق البعوضة.
والأول ضعيف. فإنها لم يقع على قصد التمثيل لها. وان تكلف. ويقال : المراد ، أنه لا يستحي أن يضرب بها مثلا ، للالهة. فان المتبادر أنها اخبار عما وقع خارجا ، عن هذا الكلام.
والثاني لا يتأتى الا على تقدير أن يراد بما فوقها ، ما يفوقها في العظم. مع أن حمله على ما يفوقها في الحقارة وان لم يكن أولى ، فلا أقل من أن يكون مساويا.
قال العلامة السبزواري (٣) : «المعنى لا يدع ضرب المثل ، بالأشياء الحقيرة كالبعوضة ، فضلا عما هو أكبر منها ، كالذباب والعنكبوت». وما هو أعظم منهما أو كالبعوضة فما فوقها ، في الصغر والحقارة. لأن جناح البعوضة أصغر منها. وقد ضرب به المثل. وقد خلق الله من الحيوان ، ما هو أصغر حجما من البعوضة ، بكثير.
أقول : لا يخفى على ما حققنا ما فيه. فانه يدل على أنه ضرب المثل بالبعوضة وما هو أصغر منها. وليس كذلك. وأما ما روى عن الصادق ـ عليه السلام ـ (٤) من أنه قال : انما ضرب الله المثل بالبعوضة ، لأن البعوضة على صغر حجمها ، خلق
__________________
(١) أ : الى.
(٢) أ : قيصا.
(٣) تفسير حسينى ١ / ٧.
(٤) مجمع البيان ١ / ٦٧.