فان الإنكار والتوبيخ ، إذا توجه الى المخاطب ، كان أبلغ : أو معهم ، مع المؤمنين ، أو مع المؤمنين ، فقط.
وكيف يصلح للسؤال ، عن الأحوال ، كلها. لا بمعنى أنه مستغرق لها. بل قد يستغرق بمعونة المقام وقد لا يستغرق. فإذا قصد به الإنكار وهو في معنى النفي ونفي الحال التي يقتضيها. كيف انما يتحقق بنفي جميع أفرادها ، بل هي كالنكرة الواقعة ، في سياق النفي ، في افادة العموم. فكأنه قيل : لا يصح ولا ينبغي أن يوجد حال ما لكفركم. وقد علمتم أنكم (كُنْتُمْ أَمْواتاً) (الاية.) وإذا لم ينبغ ، أن توجد حال من أحوال الكفر ، مع وجود هذا الصارف ، اما لأنه يتضمن آيات بينات ، أو نعما جساما حقها ، أن لا يكفر ، بمولها. فينبغي أن لا يوجد كفركم معه. لأن وجود ذات بلا حال ، محال. فان وجد معه ، فهو مظنة توبيخ وانكار وتعجيب وتعجب. وخص بعضهم الحال ، بماله مزيد اختصاص بالكفر بالله.
وهو العلم بالصانع والجهل به.
فالمعنى : أفي حال العلم بالله تكفرون؟ أم في حال الجهل؟ والحال حال العلم ، بمضمون القصة الواقعة ، حالا. والعلم به ، يقتضي أن يكون للعاقل علم ، بأن له صانعا متصفا بالعلم والقدرة وسائر صفات الكمال. وعلمه بأن له ، هذا الصانع ، صارف قوي عن الكفر. وصدور الفعل عن القادر ، مع الصارف القوي ، مظنة تعجيب وتعجب وانكار وتوبيخ.
فنفي الكفر ، بمعني لا ينفي أن يقع ، على كلا التقديرين ، بطريق الكناية.
لأنه كما (١) لزم من إنكار الحال ، مطلقا ، انكار الكفر ، لزم من انكار حاليته ، أعني : العلم والجهل ـ ايضا ـ إنكاره ، إذ لا ثالث لهما. ولهذا صار (كَيْفَ تَكْفُرُونَ)
__________________
(١) ليس في أ.