الملائكة على قربهم من كرسي كرامته وطول ولههم اليه وتعظيم جلال عزه وقربهم من غيب ملكوته ، أن يعلموا من أمره ، الا ما أعلمهم. وهم من ملكوت القدس ، بحيث هم. ومن معرفته ، على ما فطرهم عليه ، أن (قالُوا : سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ). فما ظنك أيها السائل ، من هو هكذا؟] (١).
(قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) :
للرد عليهم. والتنبيه على أن فيمن يستخلفه ، فضيلة العلم التي هي مناط استتهال الاستخلاف.
وقرئ بقلب الهمزة ، ياء وبحذفها ، أيضا. والهاء ، مكسورة فيهما.
فلما أنبأهم بأسمائهم ، قال : ألم أقل لكم حيث قلت ، اني أعلم ما لا تعلمون.
(إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) :
فان ما لا يعلمون ، أعم من غيب السماوات والأرض. والقول بالعلم الأعم ، على وجه الشمول ، قول بالعلم ، بالأخص.
(وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)) :
هذا ـ أيضا ـ من تتمة مقول القول. وانما يلزم القول به ، بالطريق الأولى.
لأنه إذا علم ما لا يعلمون فبالطريق الأولى ، يعلم ما يعلمون.
والمراد بالأول ، أحوالهم الظاهرة. وبالثاني ، الباطنة.
أو ، بالأول ، قولهم أتجعل ـ الى آخره ـ وبالثاني ، ما يلزمه من استبطانهم ، أنهم أحقاء بالخلافة.
أو ، بالأول ، ما أظهروا من الطاعة. وبالثاني ، ما أسر منهم إبليس ، من المعصية.
__________________
(١) ما بين القوسين ، ليس في أ.