باختياره. لأنا نقول : تجعل تلك الصفات ، لكون ذاته كافية فيها بمنزلة أفعال اختيارية ، يستقل بها فاعلها.
ولا يخفى على المتأمل ، أن ذلك الجعل ، لا يقتضي صحة «الحمد» على الصفات الذاتية. بل يقتضي صحة اطلاق لفظ «الحمد» ، على الثناء على صفاته ، تجوّزا. وأين أحدهما عن الاخر؟
وحقيقته عند العارفين ، اظهار كمال المحمود ـ قولا أو فعلا أو حالا ـ سواء كان ذلك الكمال اختياريا ، أو غير اختياري.
والشكر ، مقابلة النعمة ـ قولا وعملا واعتقادا.
قال :
أفادتكم النعماء مني ثلاثة |
|
يدي ولساني والضمير المحجب |
فهو أعم منها ، من وجه. وأخص من آخر. ولما كان «الحمد» من شعب «الشكر» ، أشيع للنعمة ، وأدل على مكانها ، لخفاء الاعتقاد وما في آداب الجوارح ، من الاحتمال جعل رأس الشكر والعمدة فيه.
فقال ـ عليه السلام ـ : «الحمد لله» ، رأس الشكر. ما شكر الله من لم يحمده.
«والذم» ، نقيض «الحمد».
والكفران ، نقيض الشكر.
ورفعه بالابتداء ، وخبره ، لله. وأصله النصب. وقد قرئ به (١).
وانما عدل به الى الرفع ، دلالة على الدوام والثبات.
وقرئ «الحمد لله» باتباع الدال اللام ، وبالعكس ـ تنزيلا لهما ـ لكثرة استعمالهما معا ، بمنزلة كلمة واحدة. كقولهم منحدر (٢) الجبل ومغيره.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٧.
(٢) ر : ظهر.